وخلال وجوده في دمشق تلقى دعوة للقاء مع حافظ الأسد. ولم يكن في وسعه رفض الدعوة. وكما جرت العادة، أنفق الأسد ساعات طوال في الكلام عن موازين القوى في الشرق الأوسط، وفهم الضيف بعد تلك الساعات، ووجبة التحليلات السياسية الدسمة، أن اللقاء قد انتهى، فطلب الإذن بالانصراف، ولكن الأسد أصر على مرافقته إلى مدخل القصر، حيث تقف سيارة مراسم في الانتظار.
صافح محمود درويش الرئيس مودعاً، واستدار نحو السيارة. وعندئذ، ناداه الأسد، وكأنه نسي أمراً ما، قائلاً: أستاذ محمود أنت في سوريا بين أهلك، وفي وطنك، يمكن أن تقيم هنا كما تشاء، ومتى تشاء.
قال محمود في معرض الكلام عن دعوة الأسد، وتوقيتها: أدركت حينها أن الهدف الحقيقي من اللقاء كان الكلمات القليلة على باب القصر، ودعوتي للإقامة في سوريا، فمن المرجّح أنه علم بخلافي مع ياسر عرفات، ويسعى للاستفادة منه كورقة سياسية.
بعد عودته إلى الفندق، غيّر محمود درويش تذكرة العودة من دمشق ـ باريس إلى دمشق ـ تونس ـ باريس. وفور وصوله إلى تونس اتجه مباشرة من المطار إلى مكتب ياسر عرفات، ودخل قائلاً: "جيت أصالحك".