من ضمن الألطاف الخفيَّة؛ أن يدعو العبد بدعوة يُلازمها أيامًا وأشهر، وهي -بعلم الله- لا تُناسبه بأيّ حال من الأحوال، إمّا أنّها تُسبّب له ضررًا في دينه، وإمّا ضررًا حاصلًا في دنياه، ويظلّ يلحّ العبد ويناجي، حتى إذا أعطاه الله مُراده، رأى بتحقيقها أسباب توصله لمكروهات أُخرى، ويرى بهذه الاستجابة؛ أنّ الحرمان كان خير من العطاء الذي ترتّب عليه قلّة رأيه، ونقص إيمانه، وتبدّل أحواله، فيزداد يقين العبد أنّ الله ما منعه إلا لحكمة، ويزداد يقينه أنّ الله لا يُعجزه مطلبه، فهو سميعٌ لندائه، عليمٌ بأحواله، يضع الأمور حيث يضعها بحكمته، ولكن يمنعه الإجابة ليدفع عنه المضارّ المُترتّبة لاستجابة هذا الدعاء، ولله الحكمة البالغة!