بحوث ومقالات شعيب بن حامد لوح

كتاب الآيات تنزل والتاريخ يصدق، للمرحوم الشيخ مصطفى بن صالح بن الشيخ أحمد بامبا.

تكلم تُعرف…
بصفتي واحدا من أبناء طوبى كنت أسمع اسم المرحوم الشيخ مصطفى بن صالح في غير ما مرة؛ إذ كان الناطق الرسمي للطريقة المريدية لما كان والده خليفةً، لكني اكتشفتُ حقيقته عبر فيديو منشور في اليوتيوب يشرح فيه بأسلوب بسيط منهجَ الشيخ أحمد بامبا رضي الله عنه ومكانة مدينته طوبى التي أسسها للعلم والعبادة، مركزا في كل ذلك على خلوها من مناهي الشرع داخلَ دولة يقرر دستورها في أول بند لها أنها عَلمانية، وفي ظرف زمني عالمي يشيع فيه الفواحش الموبقات، وكان ذلك في إسطنبول عاصمة تركيا في التسعينات. ومنذ ذلك اليوم قلتُ في نفسي سأتعرف عليه، ولذلك زرته مرة غير أن ازدحام الزوار والضيوف حال دون مناقشته في بعض المسائل؛ لاستخراج دُرره وفرائده.
إلى أن كان عام 2016 أو 2017 أهدى إليَّ أحد أبنائه عبد القادر امباكي مؤلفه المعنون: (الآياتُ تنزل والتاريخ يصدق)، ووجدته دليلا ساطعا وبرهانا قاطعا على علمه الواسع وفكره الثري.
إضافة إلى ما سمعتُ عنه من عبادة منقطعة النظير ومواظبة قراءة القرآن الكريم وقصائد جده الشيخ الخديم، وصرامته وعفَّته وزهده…
فإنه لذلك فقيد العلم والعبادة. فاللهَ ندعو أن يمطر شآبيب رحمته عليه وأن يغفر له ويسكنه فسيح جناته. آمين.
شعيبُ بن حامد لوح.

مرثيةُ الشيخ مصطفى امباكي بن الخليفة الخامس التي كتبها الشاعر علي با بتاريخ 16 فبراير 2025م.

ترجَّلَ المُصْطَفَى مِنْ بَعْدِ أَنْ رَسَمَا = لِلْجِيلِ مَا يُرْجِعُ الْأَمْجَادَ وَالْقِيَمَا
نَعْيٌ أَتَانِيَ وَالْآمَالُ حَائِرَةٌ = فَزَادَنِي حَيْرَةً بَلْ زَادَنِي أَلَمَا
فِي كُلِّ مَوْتٍ لِحَيٍّ دَرْسُهُ وَأَنَا = مِنْ فَقْدِهِ كَأمِيرٍ فَارَقَ النِّعَمَـا
مَا كَانَ إِلَّا كَمَا الْقُرْآنُ عَلَّمَهُ = فَكَانَ لِلْحَقِّ صَوْتًا لَا يَهَابُ لِمَ؟!
مَنْ قَالَ فِيهِ سِوَى قَدْ كَانَ مَفْخَرَةً = لِلدِّينِ وَالْوَطَنِ الْمَحْبُوبِ مَا عَلِمَـا
أَبُوهُ كَانَ أَبَاهُ فِي تَصَوُّفِهِ = وَكَوْنُهُ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ مَا انْبَهَمَا
طُوبَى سَتَبْكِيهِ وَالسِّنْغَالُ قَاطِبَةً = بُكَاءَ أُمَّتِـهِ الْأبْطَالَ والعُظَمَـا
لِمْ لَا وَمَا كَانَ إِلَّا صُورَةً حَسُنَتْ = لِلدِّينِ وَالْوَعْيِ وَالتَّطْبِيقِ مَا فَهِمَـا
قَدِ اصْطَفَاهُ لِكُلِّ الْمَكْرُمَاتِ صَدًى = رَبِّي فَجَسَّدَ مَعْنَى الْإِسْمِ فَاحْتُرِمَا
عَرَفْتُهُ خَيْرَ صُوفِيٍّ وَلَسْتُ أَرَى = فِي غَيْرِ مَا كَانَ لِلْجِيلِ الْجَدِيدِ حِمَى
فَلَمْ يَكُنْ لِلدُّنَى يَسْعَى وَلَا لِغِنًى = يُطْغِي وَلَا لِجُمُوعٍ تُحْسِنُ الْخِدَمَا
آهٍ وَآهٍ وَلَوْ آهٍ يُعِيدُ بِهِ = لَعَادَ يَحْمِلُ قَلْبًا يَحْمِلُ الْقِيَمَـا
هِيَ النِّهَايَةُ مَنْ لَمْ يَسْتَعِدَّ لَهَا = فَلَا أَرَاهُ حَكِيمًا لَا وَلَا قَدِمَا
وَالنَّاسُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا قَدِ انْشَغَلُواْ = عَنْ غَيْرِهَا وَيَدَاهَا تَقْطُرَانِ دَما
يَا رَبِّ بِالْمُصْطَفَى الْهَادِي وَعِتْرَتِهِ = فَارْحَمْ لَنَا مُصْطَفَى پَكِّ الَّذِي قَدِمَـا
وَكُنْ لِأُسْرَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ سَنَدًا = حَتَّى يَكُونُواْ لِدِينِ اللَّهِ مَا حَلُمَا
وَصَلِّ رَبِّ صَلَاةً لَا انْتِهَاءَ لَهَا = عَلَى النَّبِيِّ وَآلِ الْبَيْتِ وَالْكُرَمَا

إنا لله وإنا إليه راجعون.
نعزي أنفسنا والأمة الإسلامية كلها على وفاة العالم العلامة الشيخ مصطفى بن صالح.
رحمه اللّٰه تعالى وغفر له وأسكنه فسيح
جناته.

والحقُّ أن الحكومة الرشيدة المنتهجة نهجَ الشفافية والنزاهة لجديرة باصطفافِ الشعب حولها بالدعم والدفاع عنه كلٌّ بما أوتي من قوة ووسيلة.
وتقريرُ ديوان المُحاسبة وما فيه من مخالفات وانتهاكاتٍ ارتكبها عددٌ من ساسة فسقة منعدمي الضمير لدليل على أن الناس لم يُوفقوا بأحسن من رئيس رشيد يتقي الله في الرعية.

ثم إنه ليسَ في الوجود كائنٌ لا همومَ ولا مشاكل له، بيدَ أن أنجعَ وأفيدَ دواء للقضاء على الهمِّ والغم والقلق هو ذكر الله والمواظبة عليه خصوصاً أذكار الصباح والمساء، {ألا بذكر الله تطمئنُّ القلوب}.
من شكَّ في ذلك فليُجربْ.

يقولُ التجاني ابنُ بابَ العلوي الموريتاني في رثاء العالم العلَم الشيخ الحاج مالك سه:
إذا أنْتِ قد أنبتْتِ يا أرضَ مالكٍ = أما كنتَ في حُزن على الحاج مالكِ؟
فهلاَّ بَكيْت الدهرَ يا أرضُ مالكًا = بحُسنِ المساعي خَصَّه خيرُ مالك
بَكَى فقدَه زيدُ الأنام وعَمرُه = ومِن فقْده حُزنًا بكتْ أمُّ مالكِ
بكَوا سالكًا سُبلَ المعالي تَخالهُ = إذا أنشدَ الأشعارَ كعبَ بن مالك
وكابنِ أبِي زيدٍ نوادرُ فهمِه = مُحَرّرة أحكامَ مذهب مالك
وحسبُكَ إن رُمتَ الحديثَ حديثُه = وتَحوي به إن تَنحُ نحوَ ابن مالكِ
وإن رمتَ منه المالَ فالنفسُ قائلٌ = لها بلسان الحالِ: جُودِي بمالك
… وهي كافية بديعية معبرة، أورد فيها الشاعر جملة من مشاهير من العلماء الذين اسمهم أو اسم أبيهم مالك، ومنهم:
1- كعب بن مالك شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وتاب الله عليهم بنص القرآن في سورة التوبة.
2- أنس بن مالك الصحابي الجليل خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المكثرين رواية الحديث.
3- مالك بن الحويرث الليثي صحابي جليل.
4- مالك بن أنس، إمام دار الهجرة ، صاحب إحدى المذاهب الأربعة في الإسلام.
5- جمال الدين محمد بن عبد الله ابن مالك الأندلسي النحوي الشهير صاحب الألفية.
ومن هؤلاء ممن لم يرد ذكره في المرثية:
6- مالك بن دينار، عالم وصوفي مشهور.
7- مالك بن الرَّيب شاعر عربي مشهور من العصر الأموي، اشتهر بقصيدته الرثائية التي نظمها قبل وفاته.
8- مالك بن نبي مفكر إسلامي جزائري معاصر، صاحب كتاب "شروط النهضة".
9- مالك سي الفلاني مؤسس مملكة بُوندُو Boundou في السنغال في نهاية القرن السابع عشر.
10- مالكولم إكس المعروف ب (مالك الشباز) بعد اعتناقه الإسلام، هو ناشط أمريكي بارز في مجال الحقوق المدنية. لعب دورًا مهمًا في حركة تحرير السود في الولايات المتحدة.
تلك عشرة كاملة من مشاهير يحملون اسم مالك.
ولك أن تضيفَ إلى القائمة ممن تعرف منهم!

وأما السيدة مريم بوصو فيكفيها شرفا وصلاحا أن لُقبت ب: «جارةُ الله»، فقد تواتر عند رواة قصة هذه السيدة صلاحه وبلوغها درجة قلّ وصول إنسانة إليها، سواء في العلاقة مع الله، أو في علاقتها مع زوجها، وأما عزيمتها وتربيتها لأولادها تربية إيمانية فحدث ولا حرج، فهي التي أرادت من أبنائها، أن يكونوا خير خلف لخير سلف؛ ولذلك كانت تحكي لهم قصص الصالحين الذين هم باليل يتهجَّدون، وبالأسحار هم يستغفرون، فظهر في ذلك أثر تعليم المرأة وتربيتها تربية تؤهلها للقيادة والإرشاد، انظر كيف كانت تحبب لأولادها إلى قيام اليل مع أنهم لم يبلغوا بعد أشُدَّهم، ولم يتقوَّ عُودهم.
والطفل يتلقى البذرة الأولى من التربية من أمها بحكم قربها الشديد منه، إضافة إلى أنها المدرسة الأولى التي إعدادها يعني إعداد جيل صالح لحمل هم الأمة، جيل لا يرقأ لهم جفن، ويتحركون دائما لمصلحة المسلمين.
وبالجملة: فإن السيدة جارة الله كانت بمثابة أنموذج رائع للمرأة المسلمة التي تتجاذبها - على الأقل- ثلاثة واجبات:
1. علاقتها مع اللّه -عز وجل- والتي تتمثل في امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، كما تتمثل في العزيمة وحسن الظن به، وهذان الخلقان كانت للسيدة فيهما نصيب وافر.
2. علاقتها مع قرينها وهذه في الحقيقة داخلة - إجمالا - في العلاقة الأولى؛ إذ طاعة الزوج في دائرة المعروف طاعة لله.
3. علاقتها مع أولادها والتي تتأسس على تربيتهم تربية صالحة وفق منهج الإسلام، وهذا لا يتأتى لغير متعلمة تربَّت وتغذَّت من نفس المنهج؛ وفاقد الشيء لا يعطيه.
شعيب بن حامد لوح، مقطع من كتابي: الشيخ أحمد بامبا رضي الله عنه كما عرفتُه، ص 26-27.

{إن الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.
قال ابنُ كثير: "والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملإ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه. ثم أمر تعالى أهل العالَم السفلي بالصلاة والتسليم عليه؛ ليجتمعَ الثناء عليه من أهل العالمين: العُلوي والسُّفلي جميعاً".
اللهم صل على عبدك ورسولك المصطفى المجتبى المنتقى وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

من الأدعية الجامعة:
وابْسُطْ ليَ الرزقَ الحَلالَ طيِّبا = وَكَثِّرنْ عِلمِي وزِدنِي أدَبَا
قصيدةُ حدائقُ الفضائل في خدمةِ خير الوسائل، للشيخ أحمد بامبا رضي الله عنه.

قال ابن رجب -رحمه الله-:
"الله يُحب أن يسألَه العبادُ جميعَ مصالحِ دينِهم ودنياهم، من الطعام والشراب والكِسوة وغيرِ ذلك، كما يسألونه الهدايةَ والمغفرةَ؛ فإنَّ كل ما يحتاج العبدُ إليه إذا سأله من الله فقد أظهر حاجتَه وافتقارَه إلى الله؛ وذلك يحبه الله".

جامعُ العلوم والحِكم.

يقول الشيخ أحمد التجاني سه المكتوم في كتابه: مجهول الأمة السنغالية، ص 66: "من طبيعةِ هذه الأمة السوداء أنها لا تعرف قيمة أي ذي قيمة إلا بعد ارتحاله إلى الدار الأبدية، أو إذا عرفت قيمته فلا تعترف بها إلا بعد موته… ولذلك يعسر على كل من يدعو إلى دين أو فلسفة ما أن ينشر دعوته بوجه محمود، ومن طبيعتها إنكار ما شاءت ولو ظهر لها منفعة ذلك؛ ولذلك كان الإمام (يقصد به الحاج مالك سه) يقاسي من المضرات ما لا يقاسيه إلا الأقوياء".
قلتُ إن من دواعي نُكران الجميل الواقع بين الناس في هذا الزمان ما هو راجعٌ إلى التعصُّب وحِكر الخير في مذهب أو طريقة أو بُقعة دون غيرها، كما أن ذلك يعد من مظاهر المعرفة بالنعمة بعد فُقدانها وزوالها.
ومن شأن الناس خصوصا الأقرباء إذا لمع بعضُ ذويهم أن يكون تصرفهم تجاهه هو الازدراء وعدم اللامبالاة بحكم شدة القرب الذي سيصبح مع الوقت حجابا مانعا من رؤية لَمعانه؛ فلم يفلح أغلبُ الرسل والمصلحون في مسقط رأسهم بل أخرجوا ونجحوا في بيئاتٍ أخرى. وتلكَ واحدة من سنن الكون التي لا تُحابي أحدا. فليتأمل.

شعيبُ بن حامد لوح.

بينَ العليم والحليم.
اسمانِ من بين أسماء الله الحسنى الأكثر تجلّيا في العوالم، وهما كما يتقاربان في الشكل كذلك لهما تجاورٌ وعلاقةٌ متينة في المضمون.
فعلم الله يحيط بكل شيء، يعلم خائنةَ الأعين وما تُخفي الصدور، يعلم الجهر وما يخفى، يعلم ما نُسر وما نُعلن، فهو أقرب منا من حبل الوريد. إلى غير ذلك مما يشمله اسم العليم.
وتخيل معي لو كان عز وجل مُتصفا بصفة العلم فحسب دون الحلم ماذا كان سيحدث؟ ومن منا لا يحتاج إلى أن يستر علامُ الغيوب عيوبَه وزلاته وهفواته مما لو ظهر بعضٌ منها للخلق لما وسعتْك الأرض بما رحُبت، ولضاق عليه نفسه، وقد يؤدي ذلك إلى ما لا يحمد عقباه إذا لم تتداركه عناية الله ولطفه.
هذا وقد ورد الاسمان مقترنين في موضعين في القرآن الكريم، وهما: {…والله عليم حليم} سورة النساء: 12، وقوله تعالى: {ليُدخِلنَّهم مَدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم}، سورة الحج: 57.
قال مولاي الشيخ أحمد بامبا رضي الله عنه متوسلا بهذين الاسمين:
أيا لطيفُ يا خبيرُ يا عليمْ = اغفر عُبيدَك المُقر يا حليمْ
أيا ربّ، يا علامَ الغيوب، يا من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، أيا رحيم يا حليم يا صبور يا ستير استر عوراتنا وآمن روعاتنا، واسترنا يا ستار بسترك الجميل. آمين.

شعيبُ بن حامد لوح.

"سِيرُ الصالحين جُندٌ من جنود الله يُثبت الله بها قلوب عباده، وشاهد ذلك في قوله -تعالى-: [وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَ ۚ ...][هود: 120].

عبد الله بن المبارك.

قضايا كبرى عالجتها سورة الشعراء.
بقلم شعيب بن حامد لوح.

أوردت سورة الشعراء عَينة من قضايا كبرى عُني بمعالجتها بعض من الرسل، وهم بالترتيب: سيدنا نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
ويتحد خطاب كل من هؤلاء الأنبياء في التقوى والطاعة: {فاتقوا الله وأطيعون} (الشعراء: 126)، وقد قابلهم قومهم بالتكذيب والإنكار: {كذبت عادٌ المرسلين} (الشعراء: 123)، ومثلها تكرر في كل من قصة الأنبياء الذين وردت أسماؤهم في السورة، وذلك كله تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم من تكذيب قريش له فيما دعاهم إليه، أي: فإنك يا محمد لستَ بدعا من هذا التكذيب والإنكار اللذين تشهدهما من قومك قريش فقد سبقك عدد من الأنبياء والرسل في ذلك.
ثم إن هؤلاء الرسل بعثهم ربهم إلى قوم عمَّ فيهم الفساد، وانتشرت من بينهم ظواهر اقتضت مجيئهم لحَلحلة تلك المشاكل قبل أن تتعاظم ويسري داؤها إلى المجتمع بأكمله.
فسيدنا هود عليه السلام صبَّ اهتماماته على التنديد بالانحلال الخلقي المتموضع في رفع البنيان وتشييد ناطحات السحاب بقصد العبث واللهو، كما حكى ربنا سبحانه وتعالى بلسان سيدنا هود عليه السلام: {أتبنون بكل ريعٍ آيةً تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون}(الشعراء: 128-129)، وهذا الاستفهام غرضه إنكاري، أي: كان شغلهم الشاغل هو الاهتمام بأمور هذه الدنيا الفانية والعمل لأجلها فقط، والإعراض عن زاد وذخيرة تنفعان في الدَّارين معا، والمقصود أن سيدنا هود عليه السلام لم يوبخهم لمجرد منافستهم إلى رفع البنايات الشاهقة لكن وجه التوبيخ إلى ما يكمن وراء ذلك من محض التفاخر والتباهي كأنهم مخلدون لا يموتون ولا يُبعثون.
ومثلهم في هذا التعاظم والتبجُّح قوم ثمود، وقد أرسل الله إليهم نبيه صالحا عليه السلام، وقد وجدهم منهمكين في الفساد المتمثل أيضا في التسارع إلى نحت الجبال واتخاذها بيوتا، كما ورد في قوله تعالى بلسان سيدنا صالح عليه السلام: {أتَتركون فيما هاهنا آمنين في جناتٍ وعيون وزروع ونخل طلعها هَضيم وتَنْحتون من الجبال بيوتا فَرهين فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون}(الشعراء: 146-152)، وهذا الاستفهام كسابقه استفهام إنكاري، فقد أنكر عليهم تسخيرهم للخيرات والمواهب التي منحها خالقهم لهم إلى وجوه غير لا ئقة بها، وتركهم شكر هذه النعم التي ساقتها الآية الكريمة.
وبعد ذكر الرَّسوليْن هود وصالح عليهما السلام، أتبعت السورة ذكر ما جرى بين نبي الله لوط عليه السلام وقومه، وقد أرسل الله سيدنا لوطا إلى بلد طغى فيه الفساد وأي فساد!! وقد أتوا يمعصية لم يسبق لهم فيها مثيل منذ هبوط سيدنا آدم وذريته إلى الأرض، وهي: اللواط أو إتيان الذَّكر الذكر قضاء للشهوة، معرضين جنس المرأة التي خلقها الله لأجل ذلك، وهذا كما لا يخفى إشكالية كبيرة ومعضلة واجهها نبي الله لوط عليه السلام، وقد أورد ربنا سبحانه وتعالى قصتهم وعاقبتهم في مواضع كثيرة في القرآن بما فيها هذه الآيات من سورة الشعراء، قال تعالى بلسان سيدنا لوط عليه السلام: {أتأتون الذُّكران من العالمين وتذرن ما خلق ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادُون} (الشعراء: 165-166)، ولما لم ينزجروا ولم يرعووا أمطر الله عليهم عذابا وأي عذاب!
ثم ختمت السورة بذكر المعضلة الاقتصادية التي من أجل معالجتها بُعث سيدنا شعيب عليه السلام إلى أصحاب الأيكة وهم قومه، وقد فشتْ فيهم ظاهرة البخس والنقص في الكيل والميزان، كما يظهر في قوله تعالى بلسان سيدنا شعيب عليه السلام يأمر قومه: {أوفوا الكيل ولا تكونوا من المُخسرين وزِنوا بالقُسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين} (الشعراء: 181-183)، والأمر بإيفاء الكيل وعدم بخسه هو العدل الذي عليه قامت السماوات والأرض، وبه أرسل الله رسله: {لقد أرسلنا رُسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} (الحديد: 24).
تلك مشكلات عالجتها بعناية فائقة سورة الشعراء، وهي جديرة بتركيز الاهتمام عليها، كونها تجاوزا للحد وفسادا في الأرض.
وإذا كان كل من هذه المشاكل عُني بحلحتها نبي معين في فترة زمنية معينة، فإن الإسلام بوصفه دينا ختم به الله كل الأديان السماوية السابقة يولي الاهتمام بالقضاء على هذه المشاكل وغيرها مما يحدثها الناس من فجور عبر العصور واختلاف الأمكنة، بالتوعية والنصح والإرشاد والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

رجبُ الفرد 1445 هجرية.
يناير 2024 ميلادية.

قناتي في تلغرام تصل إلى ألف متابع، وشكرا لكم على الدعم الدائم.
وبالمناسبة فإن في القناة أغلب محاولاتي من المقالات والبحوث العلمية وتعليقاتي على بعض الكتب، بالإضافة إلى ما نشرتُ فيه من عناوين كتب قيمة… قد يجد فيها الدارسون والباحثون ما يفيد وينفع.
إليكم الرابط للقناة 👇👇
https://t.me/bohoswamakhalat

‏رسالة إلى أهل غزَّة!
كتبه: أدهم شرقاوي.

‏أعرف أن القلم مهما تطاول في قامته فلن يصل إلى كعب البندقية، وأن الحبر مهما قال بلاغةً فسيبدو ركيكا في حضرة الدم! ولكنها كلمات جاشتْ في صدري فأردتُ أن أكتبها، وقد قال غسّان قبلي: إن كل كلامنا هو تعويض صفيق لغياب البندقية!

‏يا تيجان الرؤوس:
‏إنها المعركة الأولى في التاريخ التي تسبق نتيجتُها نهايتَها! فهنيئا لكم هذا النصر الذي لن يُغيّره توقيت نهاية المعركة! لقد أحدثتم في روح هذا الكيان شرخا لن يُرمَّمَ أبدا، ودققتُم في نعشه مسمارا لن يستطيع نزعه، وأعدتم إلى الأمة كلها روحا كانت قد فقدتها، فكأنها نفخة إسرافيل في الناس الميتة أن قوموا!.. ثمة مشاعر عِزَّة زرعتموها فينا أنتم لا تعلمون شيئا عنها، فالعصفور لا يعلم ما يُحدِثه صوتُه في قلوب سامعيه، والوردة لا تستطيع أن تشم شذاها.

‏يا تيجان الرؤوس:
‏إن الله تعالى لا يختار لأنقى معاركه إلا أنقى جنوده، وإننا والله نغبطكم على هذا الاصطفاء؛ وإن الله تعالى تأذَّن أن يبعث على أحفاد القردة عبادا له يسومونهم سوء العذاب، فكنتم عباده الذين اختارهم؛ وإن النبي ﷺ أخبرنا أن خير الرباط رباط عسقلان، وقد رأينا الكتائب تجتاحها!
‏يكفيكم والله شرفا أن تكونوا تفسير الآيات في المصحف، وموعود النبي ﷺ في كتب الحديث، فنتقوّى ونزداد إيمانا على إيماننا أن هذا الدين حقٌّ، وأنه لا غالب إلا الله، وأنتم أهله وصفوته، وإنكم لغالبون بإذنه.

‏يا تيجان الرؤوس:
‏نعلم أنكم نهاية المطاف بشر، وأن الحرب موجعة، والقصف أليم، والتهجير مضنٍ، وفقد الأحبة غربة! ولكن الله لا يضع ثمارا على غصن لا يستطع حملها، وإنه سبحانه يُكلِّف بالممكن لا بالمستحيل، وإن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون.. وقد مضت سُنَّة الله في الصراع بين الحقِ والباطل أنّه لا تمكين بلا امتحان، ولا أمنَ إلا ويسبقه فزع!
‏في غزوة الخندق بلغت قلوب الصحابة الحناجر؛ فالأحزاب من الخارج، واليهود والمنافقون من الداخل، وقد راهنوا جميعا أنها أيام الإسلام الأخيرة!. وبعد عشر سنوات من غزوة الخندق كان الصحابة يدكُّون إمبراطوريتي الروم والفرس!
‏وإنكم اليوم تُعبِّدون الطريق إلى المسجد الأقصى، فوالله ما هي إلا سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلا ونحن نصلي في المسجد الأقصى، محرَّرا بفضل الله ثم بفضل جهادكم وثباتكم!

‏يا تيجان الرؤوس:
‏لستم وحدكم، وإن بدا المشهد كذلك.. من ورائكم أُمّة تغلي، ومارد محبوس في قمقمه دبَّتْ فيه الروح، وأحيته مشاعر العِزّة وشوَّقته إلى زمن الفتوحات، ولَيُغيّرنَّ الله الحال إلى حال أخرى بإذنه وكرمه!
‏فإن خذلتكم الجيوش فقد أكبرتكم الشعوب، وإن لم تساندكم الطائرات فقد ظللتكم الدّعوات.
‏ثمّ ألستم الظاهرين على الحقِّ في بيت المقدس وأكنافه؟. ألستم الموعودين بالخذلان من قبل أن تُولَدوا، ولكنكم المبشَّرون بالثبات حتى يأتيكم أمر الله وأنتم كذلك؟!
‏طبتم، وطاب جهادُكم، وقبلاتي لأقدامكم قبل رؤوسكم.. والسلام!

ابن عاشور يصف موت القريحة، والولع بالقُدامى قائلا:

"وقف بنا المسير، وضاقتْ بنا التآليف، واختلطت العلوم، وأصبحنا نتابع ما وجدنا غير شاعرين ألحُسن اتبعناه، أم لقبح نبذناه، وتبدلت العصور، وتقدمت العلوم، وطارت الأمم، ونحن قَعيدو علومنا وكتبنا، كلما أحسسنا بنبأة التقدم والرُّقي وتغير الأحوال استمسكنا بقديمنا، وصَفَّدنا أبوابنا، فإنك لتنظر الرجل وهو ابن القرن الرابع عشر فتحسُّه في معارفه وعلمه وتفكيره من أهل القرن التاسع أو العاشر، مما هو معلول لوقوف تقدم التآليف عند الحد الذي تركه الواقفون، فرُزئ الناس فائدة الانتفاع بأخلاقهم وعوائدهم ومكتشفاتهم، وسُلبوا شرف النفس باعتيادهم التقليد والاستكانة لكلام الغير، واعتقادهم أن ما أتى به الأقدمون هو قُصارى ما تصل إليه قدر البشر".

فما تركه الأقدمون ليس إلا: "لتخدم فكرَه لا لتستعبدَ أفكاره، ومتى استأسرتْ القواعدُ الأفكار بان خطأ النظر"

فالقاعدة هي أن ما قام به العلماء السابقون كان الهدف منه "إغناء من بعدهم عن إضاعة مثل الوقت الذي أضاعه الأولون في استقداح أفكارهم، ليصرفوه في الزيادة على ما وصل إليه الأقدمون، ولترتقي أفكارهم على ما كانت عليه، فلا يفهم من وضع أي علم أمر الناس بمتابعة ما وضع لهم، أو تلقي ما بلغ إليهم من وضع الواضعين بكل تسليم، بل إنما عنى الواضعون من تدوين العلوم اختصار الوقت للخلف، وعرض نتائج عقولهم عليه، لينظرها فيتبعها أو ينبذها إلى أحسن منها أو أصح، وفي ضمن ذلك أمر لنا بإعمال النظر كما عملوا والاستنتاج كما استنتجوا".

من كتابه: أليس الصبح بقريب، ص: 161-180

حين لا تصفو العلاقة بين العبد وربه…
-أحدهم: أريد الزواج بامرأة فهل لك أن تستخير لي.
-أنا: جميلٌ ما طلبت، فقد ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى الاستخارة قبل الإقدام على الأمور الخطيرة ومن بينها الزواج.
-تعال أعلمك معاني تلك الكلمات التي أوصى بها رسول الله الأمة.
ولم أبدأ بتلقينها ألفاظ الاستخارة وأبين مضمونها باللغة الولفية حتى قاطعني، قائلا:
لا أقصد هذا، وإنما أعطيك اسمي واسم الفتاة واسم والدَيْنا…، حتى نكون على بينة من أمرنا، أما هذا الدعاء فطويل وإن علاقتي بالله ليست على ما يُرام…
هنا بيتُ القصيدة، فإن أغلب الناس قد تعودوا أن يتركوا السهل البسيط وفضلوا الغريب المعقَّد، وليس شيخا في نظرهم من يدلهم على الدين القويم في بساطته ويسره وبعده عن العَنت والمشقة.
وكبرى المشاكل في هذه الحياة كدور العلاقة بين العبد وربه، حين يتسلمُ الشيطان زمام العبد يوجهه حيث يشاء، ومن شأن ذلك أن يفقد المرء الثقة بنفسه أولا ثم بربه، وبالتالي قد ينتج عن ذلك سوء الظن واليأس والقنوط عياذا بالله.

وسأورد بالمناسبة دعاء الاستخارة، وهو هذا 👇👇
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي، وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي "أَوْ قَالَ: "عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي " أَوْ قَالَ: "فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي ". قَالَ: "وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ".

في وقتٍ كثرتْ فيه الشهوات والشبهات، وانتشرت فيه الذنوب الموبقات، ينبغي للمرء أن يكثر الاستغفار والرجوع إلى ربه الرؤوف الرحيم، وهاك استغفارين أوصى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1- "اللهمَّ إني ظلمتُ نفسي ظُلما كثيرا ولا يغفرُ الذنوب إلا أنتَ فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنك أنت الغفورُ الرحيم".
2- "اللهمَّ أنتَ ربي لا إله إلا أنتَ خلقتَنِي وأنا عبدُك وأنا على عهدكَ ووعدكَ ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوءُ لك بنعمتكَ عليَّ وابوءُ بذنبي فاغفرْ لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".

"وليستْ عظمةُ الإنسان أساسا في أعماله الخيّرة، وإنما في قدرته على الاختيار".
قاله علي عزت بيجوفيتش، في كتابه الإسلام بين الشرق والغرب، ص 185.

تكررتْ آية: {ولقد يسَّرنا القرآن للذكر فهل من مدَّكرٍ} أربع مرات كلها في سورة القمر، ولمن أراد أن يفهم معناها فلينظر هذه الطفلة الصغيرة.
وقد فسر بعض العلماء معنى فهل من مدكر قائلا: "هل من طالب علم فيعان عليه".

فلأنكَ اللهمَّ فقطْ من يعلم الغُيوب، وما يختلجُ في القلوب، فإلى بابكمْ نمرغ وجوهنا لتسترَ العيوب، وتغفر الزلات، وتمحو السيئات.

أما إتيانها نافية الشك لمجيء يوم يبعث فيه الله الموتى ويحشرهم ويحاسبهم فكثيرة ومتعددة في القرآن، مثل قوله تعالى: {إن الساعةَ لآتيةٌ لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} (غافر: 59)، وقوله تعالى: {وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور} (الحج: 7)، كما يعبر عن ذلك أحيانا بكلمة الجمع أي: حشرهم في مكان واحد يقضي بينهم بالفصل ويجزي كلا بما عمل، مثل قوله تعالى: {فكيف إذا جمعناهمْ ليومٍ لا ريب فيه ووُفِّيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} (آل عمران: 25)، وقوله عز وجل: {قل الله يُحييكم ثم يُمِيتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (الجاثية: 25)، فالإنسان حينما ينظر بعقله ويفكر فيما حوله من دلائل عجائب ربه وقدرته، يعلم يقينا بأنه ليس من الحكمة البتة أن يُخلق سدى مُهملا كالسوائم، وإنما مده ربه بالعقل، وأرسل إليه رسولا مُوحى إليه، ليسير على طريق الرشاد والهداية، ويتجنب طريق الضلال والغواية.
وبالجملة، فتلك نبذة يسيرة نستدل بها على شيوع هذه الكلمة وما اشتُق منها في كتاب الله عز وجل، وهي كما رأيتَ تأتي -غالباً- لنفي الشك والاحتمال في صدق القرآن الكريم ووقوع يوم القيامة. ثم إن العبد إذا وفَّقه الله حتى يسير وفق هدي القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يعتري مُجملَه وتفصيله شيءٌ من الريبةِ والاختلاف، فإنه سيعيش جَنةً عاجلة قبل الآجلة في ذلك اليوم الذي لا خلافَ معتبر في وقوعه.
جعل الله كتابَه العظيم ربيعَ قلوبنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب هُمومنا وغُمومنا، وحُجة لنا لا علينا، آمين.

جمادى الآخرة 1446 هجرية.
ديسمبر 2024 ميلادية.