ومعنى هذه الآية الكريمة: يا أيُّها المعادي للرسول محمدٍ ﷺ، الساعي في إطفاء دينه، الذي يظنُّ بجهله أنَّ سعيه سيفيدُهُ شيئًا! اعلم أنَّك مهما فعلت من الأسباب، وسعيتَ في كيد الرسول؛ فإنَّ ذلك لا يُذْهِبُ غيظَكَ ولا يشفي كَمَدَكَ؛ فليس لك قدرةٌ في ذلك، ولكن سنشير عليك برأي تتمكَّن به من شفاء غيظِكَ ومن قطع النصر عن الرسول إن كان ممكنًا: ائتِ الأمر مع بابِهِ، وارتقِ إليه بأسبابه: اعمدْ إلى حبل من ليفٍ أو غيره، ثم علِّقْه في السماء، ثم اصعدْ به حتى تَصِلَ إلى الأبواب التي ينزل منها النصرُ، فسدَّها وأغلِقْها واقطعْها؛ فبهذه الحال تشفي غيظك؛ فهذا هو الرأي والمكيدةُ، وأما سوى هذه الحال؛ فلا يخطر ببالك أنَّك تشفي بها غيظك، ولو ساعدك مَن ساعدك مِن الخلق.
وهذه الآية الكريمة فيها من الوعد والبشارة بنصر الله لدينِهِ ولرسولِهِ وعباده المؤمنين ما لا يخفى، ومن تأييس الكافرين الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، واللهُ متمُّ نورِهِ ولو كره الكافرون؛ أي: وسَعَوْا مهما أمكنهم.
تفسير السعدي.