#المقالة_رقم١٢
#قواعد_وأدوات_التربية_من_الوحيين
القاعدة11: ثلاثُ قواعد في عَلاقَةِ والديكِ بتربيتكِ لأبنائك..
#القواعد
كل ما سَبَقَ سَهلٌ بحولِ الله وقوته الالتزام به، وأعلمُ أن كثيرًا منا تَرَبَّى بخِلافِه ورُبَمَا يَعُوقُ ذلكَ مُجاهدتَهُ، إذ يَجِدُ طِباعَهُ تَغلِبُ مُحاولاتَهُ الإصلاحِية باستمرار، أو يَجِدُ آباءَه يَعوقُونَ توجِيهاتَه التربويةَ المخالفةَ لبعضِ ما رَبَّوهُ عَليه، ومِنا مَن تَشَرَّبَ الخَلَلَ حتى النخاعِ ولا يَقبَلُ حتى فكرةَ أن يُرَبِّي أبناءَه بشكلٍ مُختَلِف...
والحلُّ لهذِهِ المُنَغِّصاتِ بجانِبِ ما سبقَ من قواعِد: تَذَكُّرُ ثلاثَ قواعِدَ خاصةٍ لتطويعِ هذهِ العقباتِ وتَمهِيدِ طريقِ التربيةِ بإذنِ اللهِ..
القاعدةُ الأولَى:
قولُ النبيِّ ﷺ: "احرِصْ على ما يَنفَعَك"..
فلا تجعلي حِرمَانَكِ سببًا فِي حِرمانِ أبنائِك، فإنَّ فاقدَ النعمةِ هو أَقدَرُ الناسِ على إعطائِها..
فَأيُّ قِسوِةٍ أو حِرمانٍ أو ألَمٍ قد تَعَرَّضتِ لهم في بيتِ أهلِكِ الكِرامِ -عفا اللهُ عنهم وعنا- اجتهِدِي أن تُجَنِّبِيهِ أولادَكِ.. وكلنا غَيرُ مَعصُومين..
وكذلك... أيُّ فَضيلةٍ أو قِيمَةٍ تعلمْتِها مِنهُم في بيتِهم الكريمِ -جزاهمُ اللهُ الجنةَ- اجتَهدِي في تعليمِها لأبنائِكِ بغَضِ النَظَرِ عن ألمِكِ فِي غيرها، وتَذَكَّرِي والديكِ بالثناءِ حينَها أمامَ أولادِكِ، وادعِي لهما جَهرًا بصِدقٍ وامتنانٍ، أحياءً أو أمواتًا.. هذا تربيةٌ على الامتنانِ وحُسنِ العَهد، لقلبِكِ بالتَكرار، ولأبنائِكِ بالقُدوَة..
انسَيْ تمامًا قاعدةَ: "فاقد الشيء لا يعطيه"..
وتَذَكَّرِي فقط قاعدةَ: "قد أفلح من زكاها"..
فإنَّ فاقِدَ الشيءِ هوَ أقدَرُ الناسِ على إعطائِهِ، لأنهُ الأكثرُ مَعرِفَةً بقَدرِ هذا الشيءِ وبأثَرِ وشعورِ الحِرمانِ مِنه..
هذا فقط لوِ القلبُ سليمٌ، لم يَفسُدْ بنَبْضِ الثأرِ، وَلَمْ تُقَسِّهِ القَسوَةُ، ولمْ تَحرِقْهُ شَهوَةُ الحِقدِ والانتقام؛ ويَتُوقُ لتخرِيجِ أجيالَ مُسلِمةٍ خاليةٍ من التشوهاتِ النفسيةِ والإعاقاتِ الروحيةِ والاعوجاجِ التربوِي...
سلامٌ على كل ابنَةٍ رَحِمَتْ أبناءَها من أيِّ بلاءٍ تَربَوِيٍّ أثَقَلَها، فَجبَرَتْ نَقصَ والديها الكرامِ بإكمالِ حالِ أبنائِها فِيه، وأوقَفَتْ مُسَلسَلَ التشوهاتِ والعُقَدِ النفسيةِ عِندَ عَتَبَتِها..
سلامٌ على كل رُوحٍ مُتعَبةٍ، وتأبَى إلا الإحسان..
القاعدة الثانية:
قاعدة عامة ولها استثناء:
"بِرُّوا آباءَكم تبرَّكم أبناؤُكم"
فبقدرِ بِرِكِ بوالديكِ، بِقَدرِ بِرِّ أبنائِكِ بِكِ، غالبًا وليس مُطلقًا..
ورغم أن الحديثَ مُختَلَفٌ حولَ صِحَتِه، إلا أَنَّهُ صحيحُ المعنَى وإن لم يكن قاعدةً مُطلَقَة..
فإن أردتِ مضاعفةَ صلاحِ ثَمَرَتِكِ، فَعَلَيكِ بِبِرِّ والدَيكِ..
فلو لازالا أحياءَ فبادِرِي بالتوبةِ عنِ التقصِيرِ أو الخطأِ، وأدرِكِي ما فاتَكِ باجتهادٍ وصِدقٍ..
قال ﷺ: "رَغِمَ أنفُهُ، ثم رَغِمَ أنفُهُ، ثم رَغِمَ أنفُهُ...! قيل: مَنْ يا رَسُولَ اللهِ؟! قال: مَن أدرَكَ والدَيهِ عِندَ الكِبَرِ، أحدَهُما أو كِلَيهِما، ثم لم يَدْخِلِ الجَنةَ"*2
ولو ما عَادا أحياءَ، فِبِرُّهُمْ لَم يَنقَطِعْ بَعدُ رُغمَ الفِراق..
قال رجل: "يا رسولَ اللهِ إنَّ أبَوَيَّ قد هلَكا، فهلْ بَقِيَ لِي بَعدَ مَوتِهِما مِن بِرِّهِما شَيءٌ؟ قال ﷺ: نَعَم، الصَّلاةُ عليهِما، والاستغفارُ لهُما، وإنفاذُ عُهُودِهما مِن بَعدِهما، وإكرامُ صديقِهِما، وَصِلةُ رَحمِهما الَّتِي لا رَحِمَ لكَ إلَّا مِن قِبَلِهما".*3
فلازال أمامَكِ سَبَبٌ من أسبابِ تَحسِينِ ثَمَرَتِكِ تأخُذِينَ بِهِ كلما تأمَّلْتِها بِحُزنٍ لِتَأَخُّرِها أو لذُبُولِ بَعضِ وُرَيقَاتِها، فإنْ عَجَزتِ عن سببٍ فلا تَعجَزِي عن غَيْرِه.. والذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنا وَإنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِين..
و "جَاهَدُوا فِينَا" تُنَبِّهُكِ ألا تَنْسَيْ إخلاصَ النيةِ لِوَجهِ اللهِ الكَرِيم..
القاعدة الثالثة:
{وَاخفِضْ لَهُما جَنَاحَ الذُّلِ}
عِندَ تَعارُضِ تَوجِيهاتِكِ لابنِكِ، معَ توجيهاتِ وَالدَيكِ لَه، فالأمرُ يَنقَسِمُ لأُمُورٍ دِينِيةٍ وأمورٍ حياتِيةٍ عادِية..
فمثلًا، إن كانَ الجَوُّ بارِدًا ووالدتُكِ الكريمةُ تَحرِصُ بِشِدَّةٍ علَى المُبالَغَةِ فِي تَدفِئَةِ ولَدِكِ بسِروالٍ إضافيٍّ ووُشاحٍ على عُنُقِهِ وأنفِهِ ورُبمَا طاقِيَّةٍ وقُفازاتٍ وجواربَ صُوفِيَّةٍ، بينما أنتِ تَترُكِينَ أبناءَكِ يُقَرِّرُونَ بأنفُسِهِم حَسبَ شُعُورِهِم بِالبَردِ، ما يَوَدُّونَ ارتداءَهُ دُونَ إفراطٍ أو تَفرِيط، وَتَعلَمِينَ أنهُم علَى قَدرٍ مِنَ المَسؤُولِيةِ هُنا، لِتَعلِيمِكِ إياهُم حُسنَ التَفكِيرِ وَتَقدِيرِ عَواقِبَ الأُمور..
يُتبع 👇👇