الشاهد: هذا مَوقِفٌ دُنيَوِيٌّ عام، وَلَيسَ شَرعِيًا مَحضًا، تَجِدِينَ فيهِ أُمَّكِ الكريمةَ تُعارِضُ توجيهاتِكِ تِلكَ أمامَ ابنِكِ، وَتُوَجِّهُهُ لِخِلافِها، وَتُصِرُّ أمامَهُ أنَّ كلامَكِ خَطَأٌ وكلامُها هُوَ الصَوَاب...
هنا..
استمِعِي لكلامِها ولَيِّنِي قَلبَ وَلَدِكِ.. ولا تُعارِضِيها أكثَرَ مِن ذَلكَ أمامَه.. واخفِضِي لها جَناحَ الذُلِّ مِن الرَحمَةِ بشكلٍ عَمَلِيٍّ، وأَرِيحِي قلبَها أراحَ اللهُ قلبَكِ وكَتَبَ أجرَكِ.. ولا تَخشَيْ هُنا عَلَى تَربِيةِ وَلدِكِ بسببِ فِعلِهِ عَكسَ توجيهاتِكِ القَوِيمَةِ، فعلَى النَقِيضِ: وَلدُكِ الآنَ قَد تَرَبَّى بِشكلٍ عَمِيقٍ سَتقَطِفِينَ ثِمارَهُ الزكيةَ وَلوْ بَعدَ حِينٍ..
كيف....؟
وَلدُكِ هكذا قَد تَعَلَّمَ عَمَلِيًا مَعنَى البِرَّ بالآباءِ واحتِرامِهِم، وهذه الفَضِيلةُ تحاوِلِينَ ليلَ نهارٍ تَلقِينَهُ إياها تِجاهَكِ وتجاهَ والدِهِ لِيَلِينَ في أيدِيكُما للتَربِيةِ الرَشيدَةِ على الكتابِ والسُنة، فرآكِ مُتَسِقَةً مع قِيَمكِ وتعاليمِ دينِكِ التي تُلَقِّنِينَهُ إياها، بشكلٍ واضِحٍ وصادِقٍ وحَقِيقِيٍّ بعيدًا عن الشِّعارات..
باختصار: رآكِ قُدوةً له في بِرِ الوالدين....
فاحتسِبِي الأجرَ والثمَرَةَ حينَها واطمِئنِّي، فالبِرُّ لا يَبْلى.
ثم حين تَعُودُون لِبَيتِكُم، تفاهَمِي مَعَهُ على انفرادٍ وبهُدُوءٍ وعَقلانِيةٍ وحنان، حولَ الموقَفِ والعِبرَةِ فِيه، مَعَ كاملِ احتِرامٍ وإحسانٍ وَحِفْظٍ لِسِيرَةِ أُمِّكِ بِالغَيبِ، ولا تَنسَيْ أن تَشكُرِيهِ على بِرِّهِ لَكِ في إعانَتِكِ عَلَى بِرِّها..
وَلَقِّنِيهِ بالدليلِ الشرعيِّ والعِلمِي، ما الصوابُ في المسألة، وأنَّ قاعدةَ "إنْ عَليكَ إلا البلاغُ" نَحنُ مأمورنَ بتَطبِيقِها معَ الناسِ كافَّة..
وأنَّ الواجبَ عَلَيهِ هوَ أن يختارَ الصوابَ ويَترُكَ الخطأَ، عَمَلًا بقاعدةِ: {...كُلُّ امْرِءٍ بِمَا كَسَبَ ((رَهيِنٌ))..}،
وَحَفِّزِيهِ لاتباعِ الحِكمَةِ أينما وَجَدَها، بقاعدِةِ: {الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ فَيَتَّبِعونَ ((أَحسَنَهُ)) = أُولئِكَ الَّذينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُم ((أُولُو الأَلبابِ))}
أما إنْ كانَ النزاعُ على أُمُورٍ عَقَدِيَّةٍ/ أو مُنكَرَاتٍ لا يَجُوزُ السكوتَ عَنها/ أو حَثٍّ عَلَى تَركِ نوافلَ أو فِعْلِ مَكرُوهات --- فَلَعَلَّ والدتُكِ لا تَعرِفُ..
فَلتُوَضِّحِي لها الحُكمَ بِكُلِّ بِرٍ وَبِالدَلِيل،
فِي حينِها أو لاحقًا حَسْبَ المُناسِب..
ولو علمتِ أَنَّ الأقربَ لِقَلبِها وَقبُولِها كلامُ وَلَدِكِ معها بدلًا مِنكِ، فلا تترددي..
ثم بعدَها فلا سُلطانَ لكُما عليها، وَما أَنتَ عَلَيهِمْ بِوَكَيل...
أهَمُ شَيءٍ:
-البرُّ والاحترامُ والمصاحبةُ بالمعروفِ..
-وتَقدِيرُ المكانةِ والسنِ والعِلمِ والحِكمَةِ الأعلَى للكِبارِ عامَّةً والوَالِدَينِ خاصَّة، عَلَنًا أمامَ الأحفاد..
-وتَجاهُلُ الإساءةِ، والصبرُ عليها إيمانًا واحتسابًا..
-ثم نَهجُرُ الخطأَ الشَرعِيَّ الذِي يَحُثانا عَلَيهِ، ونَتِّبِعُ سَبِيلَ الطائِعِينَ وَلو لَمْ يَكُونا مَعَنا فيه: {...وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ((فَلَا تُطِعْهُمَا))... وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا ((مَعْرُوفًا))... وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ (( أَنَابَ إِلَيَّ ))..}
هذا وكُلُّ ما سبقَهُ يَقودُنا للكلامِ عن القُدوَةِ.. في القاعِدةِ القادِمةِ بإذن الله..
*******************************************************
*هوامش:
-1*صحيح مسلم
2*صححه السيوطي وحسنه غيره، وضعَّفَه آخرون..
3*صحيح مسلم
4*صحيح ابن حبان
رابط المقالة على طريق الإسلام: http://iswy.co/e2dden
#أسماءمحمدلبيب
أمةالله-عفا الله عنها