شاطئ الرغد

@sha6ealraghad


مساحةٌ أرجو بها خيرًا، وأرى في الكلمة رسالة وآمالاً..
كلّ أسبوع يرسو هنا قاربي: قصائد، وخواطر، و وقفاتٌ قرآنية/ نبوية.
أبث حبر قلمي وأشارك الفِكر والفائدة.

رغدة أبوبكر كردي

شاطئ الرغد

22 Oct, 13:18


السِّرّ .. والحبل!
كنتُ أنتظر اللحظة المثالية التي تهبني شعورا غامرًا، وعندما استبطأتُها حاولت القفز إلى حلمي وفكّرتُ كيف يمكنني استباق تلك اللحظة بأن أنسجها بخيالي وأعيشها ألف مرة قبل أن تحدث!
قبل سنوات طويلة.. كنت ألعب بالعرائس.. واليوم ألعب مع عرائسي الحقيقة..

قبل أن أجرب الأمومة كنتُ أرقب المشهد المتكرر: أن تخرج الروح وتتلقفها أيدي الأحبة، وضمنًا لا يَسمح هذا المشهد للأم أن تعيش اللحظة في أجمل أربعين يومًا حيث الرابطة الأولى، لأنها في غيبوبة من آلامها ثم رحلة استقبال الناس بالتكلّف في الملبس والهدايا ولا تكاد تهنأ بالروح التي صنعها الله وأخرجها من الضيق إلى السعة بين يدي أنثى تُصنَع أمًّا.

في ذكريات طفلي الأصغر قبل خمس سنوات تعجبتْ أمي إذ أخبرتُها أنني هذه المرة لا أود أن أستقبل زيارات في أول يومين، إنني أزور نفسي وأكتشف الروح الجديدة التي وهبنيها الله ، أتحسس وجهًا جديدًا عاش يشوقني تسعة أشهر بركلاته، بينما أتشظّى حنينًا واشتياقًا، وها هو يعلن حضوره المدهش لينضمّ إلى عالمي ويلتصق فيه إلى الأبد، فأحتاج إلى عزلة مع إحساسي السرّي الفريد.
الأربع والعشرون ساعة الأولى هي عشق لا ينتهي؛ تُخبر فيها المستشفيات العالمية بالقاعدة العاطفية العلاجية لمعاناة تلك الروح الوليدة من الغربة بعد بيئة الرحم الدافئة: "skin to skin” آلية الملامسة بالذات في الساعة الذهبية الأولى من خروج المولود، وهي سحر الاستشفاء للأم وطفلها على حد سواء طوال مدة الرضاع.
في كل ولادة تقطع الطبيبة الحبل السري بين المولود وأمه تكون اللحظة التي يُقطع حِسًّا ويبدأ معنى، يُتمّ تعلّقه من الجسد إلى القلب.

بيننا كنتُ ولازلتُ باحثة عن جهة أعمل فيها، وتعمل فيّ، تهبني وأهبها إسعادا ويؤدم بيننا، فلم أخجل يومًا عندما أُسأل: ألم تتوظفي بعد!
أن أجيب -كأي أم-: حتى تجيئ الوظيفة المنتظرة وأثناءها وبعدها. فأنا موظفة في بيتي، براتب معنوي عالٍ في الدنيا والآخرة إن شاء الله.
وعسى أن تُقدّر هذه الأمانة بحقها ويُحرَس الثغر كما ينبغي.

لا أظن أنّ هناك من لا يستطيع إكمال البيت:
الأمّ مدرسةٌ...
إذا أعددتها..
أعددتَ شعبًا طيب الأعراقِ

ماذا عن إعداد الأم؟
لم توجد بعد وظيفة في العالم توازي أمًّا لا تكلّ في خدمة أسرتها خدمة أرواح لا أجساد، تربية لا تغذية، وتحديدًا في زمان تعلو فيه الشكاية من فوضى الأدوار ؛
الكلّ محترق نفسيًّا..وظيفيًّا، ينسحب من إتمام دوره، غالبنا يريد منطقة الراحة، حيث لا شيء إلا سماع صوت الذات ، الأنا، وهي تأمر والجوارح تنصت، فلا أرى من المناسب أن تشعر الأم بوقت فراغ، لا يوجد فراغ، كل جزيئات الثانية ممتلئة، البركة وحدها هي التي تمدد الوقت حتى يحصل الأبناء على حظّهم من العناية والاهتمام، ثم تجد الأم أنّ جزءا من تغذيتها في وجودهم حولها، فإن كان ثمة فراغ بعد ذلك فهو حتى تملأ رئتيها بالهواء النقي لتُكمل الوظيفة.
من يريد أن يقنع الأم أنّ إنجازاتها الفردية هي السعادة فهذا وهم ومن هنا تخلخلت البيوت وتهاوت مفاهيم الإنجاز وتعطلت العطاءات المتعدية التي هي مسؤولية إجبارية لا اختيارية؛ إذا صارت الأنثى زوجة وأمًّا وجدت إنجازها في نظرة زوج ممتن وفي برّ أبناء حانين، وقد لا يتحقق ذلك بغير إنفاق وقتها طوعًا وكرهًا، وليس كل واجب يُشتهى "فاعبده واصطبر لعبادته".

ربما لن أبالغ إذا قلت أنّ دور الأم تضاعف كثيرًا عمّا كان، وعليها أن تفتح عينيها جيدًا صوب كل اتجاه وتحصّن المداخل على أبنائها، فالأم قبل سنوات كانت تعتمد على معلم ومنهج وقدوة يدعو الناس إلى الخير، لكنها فجأة أبصرت نفسها في تحدي أن تكون هي المنهج والمعلم والقدوة وألّا تعوّل على أحد، وتلمّ بكل جديد وتكون الطبيب النفسي، وأن تلملم نفسها عند كل انكسار فالأعين متشبثة بها.
تطمح غدًا إذا لفّ ابنها شماغه حول رأسه كبيرًا، لفّ بإحكامٍ داخل خلاياه أفكارًا سامية؛ فلم يكن سفنجة ولا إمعة، ألّا يجلس على منصب يحرّك المال فيه قيَمه، فيتبنى الإرجاف ويتخلّى عن دينه ليملأ جيبه!
مشهد النازحين والمشردين من أوطانهم حولنا لابد أن يكون لنا معه وقفة، بما يتناسب مع العمر والنضج، أما تغييبهم عن الواقع فسيكبرون دون أن يجدوا من ينقل الحقيقة التي عشناها وشربناها في الإذاعة المدرسية والمسرح وموضوع التعبير، ولن تُدفن.
.
.
الحبل "السُرّي"..
هو الحبل "السِّري" بين كل أم وأبنائها.
فيا أيتها السرّ.. والوطن، وثغر الأسرة الباسم
هنيئًا لك..

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

18 Oct, 10:54


إذا ارتفع الأذان يَزينُ حالي
يجُمُّ القلب فيّاض الجمالِ

يدُُكُّ الهمَّ حتى لا أُبالي
يصُبُّ "الله أكبرُ " مِلءَ بالي

وأشهد أنه الباقي متينٌ
وكلّ العالمين إلى زوالِ

وأشهدُ أنّ أحمدَ جاء غيثًا
لأمتنا وبلّغَ في نضالِ

وماتَ أوان مات وظلَّ دينٌ
أبِيٌّ ليس يُعرف بالرجالِ

أتى الصدّيق للفاروقِ يومًا
يهدّئ روعةَ الفقدِ العُضالِ

محمّدُ مات والجبّارُ حيٌّ
هو المعبودُ حقًّا ذو الجلالِ

محمد مات والإسلام باقٍ
رسا في القلب ليسَ على رمالِ

إذا ما ماتَ ورّثَ كنز عِزٍّ
فلا تهِنوا ورأسُ الدين عالي

على نهج الحبيب تجود نفْسٌ
ويبقى الهَدْيُ حيًّا بالوصالِ

يَسيرٌ أن يشيع الحبُّ لفظًا
وإنَّ الحُبَّ ريّانَ الفِعالِ

فقُمْ واغرِسْ وأعلِ الجدِّ وانهَلْ
وسُرَّ محمّدًا يوم النوالِ

وليس الشأن أن تبتاعَ كُحلًا
ولكنْ رَيّ جفنٍ باكتحالِ




#شعر رغدة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

15 Oct, 13:37


ماذا لو كانت يدي؟
ماذا لو أنّ تلك اليد المستنجدة في وسط اللهيب كانت يد من أحب؟
شعور لوهلة ينتزع السكينة نعوذ بالله من القهر والظلم؛ ثم ينبثق صوت من الوجدان يعزّي قائلًا: "والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون".
تفنى العبارات وتتقازم الأوصاف ويشعر المرء بانعدام الدافعية تجاه أعماله، وهو يرى أولئك الذين هربوا من جدران بيوتهم وفرّوا من الموت ونزحوا مرات ومرات يموتون في خيامهم بجوار مستشفى ظنّوا أن يجدوا حولها أمان نسائهم وأبنائهم وأنفسهم!
عندما كنت أقرأ سورة البروج وأحاول تصوّر شعور المؤمنين وهو يقذفون في النار واحدًا تلو آخر ويأتي الوصف القرآني للمشهد: "النار ذات الوقود* إذ هم عليها قعود* وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود"؛ كنت أفكّر كيف يمكن لأيّ بشر يحمل مشاعر الإنسانية أن يفعل هذا، يقول ابن عاشور: "فائِدَةُ هَذِهِ الحالِ تَفْظِيعُ ذَلِكَ القُعُودِ وتَعْظِيمُ جُرْمِهِ، إذْ كانُوا يُشاهِدُونَ تَعْذِيبَ المُؤْمِنِينَ لا يَرْأفُونَ في ذَلِكَ ولا يَشْمَئِزُّونَ"، وقال ابن عثيمين: " هؤلاء الذين حفروا الأخاديد وألقوا فيها المؤمنين كانوا -والعياذ بالله- عندهم قسوة وجبروت، يَرَوْن النارَ تَلْتَهم هؤلاء البشر وهم قعودٌ عليها على الأسِرَّة فَكِهون كأنَّ شيئًا لم يكن، وهذا من الجبروت أن يَرى الإنسانُ البشرَ تَلْتهمه النارُ وهو جالسٌ على سريره يتفكَّه بالحديث ولا يبالي".

على ضفة أخرى أتذكّر السلوى أسترجع المآلات من رحلة الحياة بمثل ما وردنا من قصة بني مخزوم وهم يخرجون بعمّار بن ياسر وبأبيه وأمّه -وهم نموذج البيت المسلم الأول- إذا حميت الظهيرة، يعذّبونهم برمضاء مكة، فيمرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: "صبرا آل ياسر؛ فإنّ موعدكم الجنة".
صبرًا آل غزة؛ فإنّ الله يبصر ويسمع، ولا يخفى في ملكه عنه شيء، وإنّ المؤمن ما يزال في بصائر بلائه متدثّرًا بإيمانه مستلهمًا الآيات في مواقف حياته كلها حتى يأتي أمر الله.
عندما جاءت إلى المدينة حادثة الإفك فنزل الهمّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين وانقطع الوحي في شأن عائشة رضي الله عنها خمسين يومًا أو تزيد كما قال الشرّاح وذكرت عائشة أنها مذ ذهبت منزل أبويها مكثت شهرًا هناك قبل نزول الوحي في شأنها، والله سبحانه وتعالى لا يعجزه أن ينزل الوحي فينتهي الناس عن الحديث في فراش النبوة وعرض المصطفى وفي أحب نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه؛ ولكنها إرادة الله وتمام حكمته التي قال عنها في سورة النور: "لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خير لكم"؛ وفي حكم رؤية هذا الخير حديث وفير في كتب التفاسير.

إنّ التحدّي اليوم كبير على الفرد منّا للحفاظ -مع يقينه العظيم بالله- على حالة شعورية من التضامن وعدم فقدها مع التيه الذي تحمله وسائل التواصل الاجتماعي لمن يتابع الأخبار فيها؛ ففكرة المشاهد السريعة الخاطفة كثيرا ما تنجح في خطفنا من الشعور وشتاتنا، فبينما أنت متعاطف أو ربما باك من احتراق الخيام في دقيقة تحيلك بكل إسفاف على إعلان دورة للرقص الشرقي، أو رحّالة يستعرض صوره على متن سفينة في قلب البحر .
تجاوزنا مرحلة الخوارزميات إلى قذف الدعايات التي لا تتصل بأي من محتويات متابعتنا فصرنا في فوضى، وتعطّلت لدينا إمكانية الاستغراق في اللحظة والسماح للتفكير أن يتحوّل إلى إيجابية واعية في حياتنا إذا ما سمحنا لهذا الكم الهائل من التفاهة أن يجد استجابة لدينا. والفائز من نجا منها.

وجعك ودمعك وأنت ترفع دعواتك وقلبك بين يديك مقدّر عند الله، وهو القائل: " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون" الكريم يجزيك على الدمع والاحتراق الذي في قلبك؛ فإنّ المنكر الذي أصاب إخواننا من ألم ونزوح وتجويع وقتل بأبشع الوسائل الذي تقف أمامه بشعور قلبك بالألم والإنكار أنت مأجور عليه؛ وما أعظم كرم الله وجبره لخواطرنا إذ عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكار القلب درجة من التغيير وإن كانت الأضعف" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده … (إلى أن قال) فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، مما قيل في شرحه في عون المعبود: "فبقلبه: بأن لا يرضى به وينكر في باطنه على متعاطيه، فيكون تغييرا معنويًّا إذ ليس في وسعه إلا هذا القدر من التغيير".

ربّاه إنّ يدي برجائها رُفعتْ
وأيقن القلبُ ما خابتْ إليكَ يدُ
-قريبًا في حلّة إنشادية-

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

08 Oct, 13:12


"كيف حالك؟"
سؤال يمثّل المقبّلات لأي لقاء عابر، وفي أشهر انتقل إلى أن يكون الطبق الرئيسي الأكثر دسامة.
هذا السؤال بعمقه لا بسياق تداوله كتبتْ حروفه على كل قلب حربُ غزة، وهي تُبثّ علنًا أمامنا سنة كاملة من الألم، لكن ليس من المناسب أن نتحدّث عن ذلك المصاب الذي نشعره جميعًا وتغيب عنّا حقيقة حكمة الله في البعد الكلّي الذي لا تدركه الأبصار.
حرب – برح - رحب، هذا التجانس يسحب معه الأثر المفارق الذي وُلد إلى الساحة على التوالي من جرّاء تناوب الحروف الثلاثة في اتساق عجيب : ح ر ب
نعم جعلت الحرب على غزة آلامنا في نصابها الصحيح، هيّأت لنا نقلًا مباشرًا "للتبريح" حتى لا نحكي لأبنائنا أننا قرأنا، بل أننا شاهدنا وتفاعلنا، وبكينا وتوقّفنا، وحٌبست أنفاسنا، ثم تساءلنا عن موقعنا، وعن همومنا، وعن ترتيب أولوياتنا، وعن وسائل نصرنا، عن وعن..
ومع عصرة ألم لم تفارقنا وجدنا أنفسنا أمام "رحابة" نظرة شمولية عندما أبعدنا العدسة وغيّرنا توجيهها.
ليبقى السؤال النابض في العروق والأكثر أهمية:
"كيف" حالك الآن؟
ما دُمتَ صدقتَ في وسعك المحدود فعلًا، فماذا فعلتَ بالمساحة المٌتاحة؟ هل استثمرتها؟
رحلتك الذاتية أنت إلى الله، سعيك لرفع كلمته في حياتك، التي تمثّل الشرط "إن تنصروا الله ينصركم"
ك ي ف تبدو لك؟
لم تأتِ السرعة والسبق في شيء في القرآن سوى للمغفرة والجنة؛ فهل تُراه تحقق أم أننا رضينا الحبو..؟
"كيف" ترى خطوك؟ تحبو.. تمشي... تهرول.. تسبق؟ في كلٍّ خير؛ والله كريم بالنتائج، لكن الأهم أن لا تكون خطوتك في الاتجاه المعاكس "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"! حينها توقّف وعدّل الوجهة.
...
"كيف" حالك؟
طٌرح هذا السؤال علي من عين طفل شارد فقد للتوّ أبويه، وآخر حمل في حقيبته المدرسية أشلاء أخيه، وأخرى رأت عربة المثلجات تحمل جثث عائلتها.
سُئلتُه من أب ينادي من بين الركام اسمًا اسمًا للخمسة الذين ربّاهم واحتضنهم، ثم أخذ حفنة من التراب يجفف بها دمعه، وأمٍّ تبحث في المستشفيات عن ولدها الجميل لتكتشف أن الذي تبقّى منه لفائف شعره الأشقر،
وغيرهم.. وغيرهم..
فضاء جديد من تربية النفس نشكر الإعلام أن قدّمه لنا بإخلاص على طبق من الألم والدموع، مع فيتامينات من اليقظة الشعورية وكأس من بياض الوحي البارد المنسكب على القلب حين تجتمع الثلاثة ونُشاهد الرابعة:
"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين"
"كيف" يملك مثل هؤلاء إكمال حياتهم؟
عامٌ كامل توقّفتُ فيه مرارًا عن العمل في رسالتي الدكتوراه قبل تمامها لأعيد ترتيب روحي، وأحاول أن أجيب عن سؤال: كيف أقف الآن؟
بإمكان كل منّا أن يقف، لكن كيف؟ مطأطئ الرأس أم رافعًا له؟ ناصبًا جذعه أم منكفئًا هزيلًا؟ باسم الثغر أم متجهّمًا؟
سنختار الأكمل ولن نرضى بغير "وأنتم الأعلون" ونكمل السير ..
الناس تكافح وتحيا محاولة في كل اتجاه أن تحسّن جودة الحياة "الدنيا"، لابأس لكن للتكافؤ فقط: "كيف" نحسّن جودة أقدامنا ولياقتنا البدنية للسباق الأخروي؟

كيف حالك؟
ليس سؤالًا للإجابة الفورية أبدًا إنما هو سؤال للتأمّل ثم العمل على إثر دورة تدريبية مكثفة عن الألم أخذتها عن بعد، يحسن أن تزيّن سيرتك الذاتية.
رحمك الله أن جعلها لك درسًا عن بعد؛ ورحم الله إخواننا حين عاشوها عن قرب، ودرّبوها، وقد أوتي كلٌّ حسب وسعه.
تذكرتُ ردًّا على هذا السؤال يحمل وعيا لا جوابا أورده أبوهلال العسكري: "قيل لأعرابيّ: كيف حالك؟ فقال: ما حال من يفنى ببقائه، ويسقم بسلامته، ويؤتي من مأمنه".
الجواب الدائم هو:
الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركًا فيه

وروي عن علي بن أبي طالب:
"ومن قلّت مطامعه تغطّى
من الدنيا بأثواب الأمانِ

وما يدري الفتى ماذا يلاقي
إذا ما عاش من حدَث الزمان"
بعيدًا فوق رمالٍ اعتدتُ أن أبعثرها من فتات أوراق الحياة الذهبية على شاطئ من خيال يجعلني أكتب، هناك نصبت خيمتي أحاول إيجاد الهدأة من زحمة التهافت الذي يعاني منه البشر للوصول للوجهة، كلّنا لاهث، لكن السؤال الحقيقي الحنون لك واسأل عنه، وفيه، وبه نفسك:

كيف حالك؟

#خاطرة
#غزة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

01 Oct, 09:19


رحلة تدبّر في سورة النور
تم فتح التسجيل مجددا لمقاعد محدودة..

للتسجيل والاستفسار:
https://store.ethraa.ws/QdDoQAX?fbclid=PAZXh0bgNhZW0CMTEAAaatKz7G4sMiVolXnp6dDGnesVRmZ6c87TovB-oZZjGi8AZpUPxP6IfaZpQ_aem_5i_LTmQfh_qPWwEkyQ26sw

شاطئ الرغد

01 Oct, 07:52


"لا جديد"
"عادي"
إجابات ضجِرة من شكل الأيام؛ وإنما اليوم الجديد الذي يتجدد فيه النفَس بحد ذاته جزء من عطايا الإله..
الحمدلله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور..
الحمدلله على أن بلّغنا النور بعد الظلمة، والصباح بعد الليل..
الصباح الذي يقبل علينا في سعة وأمن وصحة لهو صباحٌ من النعيم!
هل حيزت لك الدنيا؟
كثير من الناس استيقظ اليوم وقد حيزت الدنيا له لكنّه لم يبصر إلا الجزء اليسير الذي يفتقده؛ واستشعار الحيازة كلّ صباح ينقل مزاجك من "العادي" إلى "الرائع" يقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا "، صحيح الترمذي.
لا تبحث عن الدهشة الجديدة، بل جدّد نعمة اعتدتها واصنع منها دهشة..
قاعدة الرضا التي يبثها فينا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ؛ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ". صحيح الترمذي.
قال ابن جرير: هذا حديث جامع لأنواع من الخير ; لأن الإنسان إذا رأى من فضُل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك ، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى ، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه ، هذا هو الموجود في غالب الناس ، وأما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها ظهرت له نعمة الله تعالى عليه ، فشكرها وتواضع ، وفعل فيه الخير .

أهل البلاء يتألمون، ويحمدون الله كل يوم أن الألم إن لم يُفرَج فلم يزدد بهم، وأنّ البلاء أينما وكيفما كان نوعه ما لم يكن في عقلك ودينك ولم يخرق بصيرتك فالحمدلله حمدًا كثيرًا أن كلّف على قدر الوسع، وأعان على الصبر، فكيف إن جاءت بآهِك أجورٌ عظام.
يقول تعالى:
﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَمًا آمِنًا ويُتَخَطَّفُ النّاسُ مِن حَوْلِهِمْ أفَبِالباطِلِ يُؤْمِنُونَ وبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾
قال ابن عاشور: الِاسْتِفْهامُ إنْكارِيٌّ، وجُعِلَتْ نِعْمَةُ أمْنِ بَلَدِهِمْ كالشَّيْءِ المُشاهَدِ، فَأنْكَرَ عَلَيْهِمْ عَدَمَ رُؤْيَتِهِ.
وقَدْ كانَ أهْلُ مَكَّةَ في بُحْبُوحَةٍ مِنَ الأمْنِ، وكانَ غَيْرُهم مِنَ القَبائِلِ حَوْلَ مَكَّةَ وما بَعُدَ مِنها يَغْزُو بَعْضُهم بَعْضًا ويَتَغاوَرُونَ ويَتَناهَبُونَ، وأهْلُ مَكَّةَ آمِنُونَ لا يَعْدُو عَلَيْهِمْ أحَدٌ مَعَ قِلَّتِهِمْ، فَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ هَذِهِ النِّعْمَةَ عَلَيْهِمْ.
"ويتخطّف الناس من حولهم"
وجود الضدّ أدعى لإدراك النعمة،
وحتى تستشعر الأمن قلّب ناظريك؛ فإنّ غياب الأمن إصابةٌ في الجذر وكل النعم فروعه المورقة.
في ظلّ أزمة الأمة؛ والقلوب متفطّرة على العجز والضعف، عين تبصر ونفس تذوب، والناس تمسي نيامًا على الأرصفة، وتُصبح على فقد وتِيه، وأرواح تصعد بالآلاف، وعدوُّ شرس متربص، ويح قلوبنا إن بقيَتْ على شرفات غفلاتها متفرّجة على المشاهد وفي أكفّ الشعور كؤوس الشاي المثلج!

بين أروقة "العادي" لا تنسَ أن تلك الحجرات المغلقة التي تطلّ منها نوافذ المعذبين بالصوت والصورة تبصرها وتنال أجرًا يقدّره لك الله إذا حققت الجسد الواحد تعاطفًا وتوادًّا ودعاءً ونويت:
"وأنْفُسُهُمْ مَبْذولَةٌ لوُفُودِهم 
وأموالهُمْ في دارِ مَنْ لم يَفِدْ وَفْدُ"
-المتنبي-
ثمّ أطل الدعاء وألحّ..
وأبشر بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"…ورجلٌ آتاه اللهُ علمًا ولم يُؤْتِه مالًا فهو يقولُ: لو كان لي مثلَ هذا عملتُ فيه مثلَ الذي يعملُ. قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: فهما في الأجرِ سواءٌ…" صحيح ابن ماجه.

إذا أصبحتَ حزينًا فأسعد محزونًا لتسعد،
واذكر أنّ ذلك "العادي" في تقييمك لكل ما حولك يبكي غيرك وداعَه..

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

25 Sep, 08:00


في زمن تدخل فيه الفردانية على الحياة الأسرية وتؤثّر على أبنائها؛ سنحتاج التذكير بقيمة الأسرة وجمال رابطتها ودورنا فيها.
ولأنّ مسيرة الفضائل تولد من رحم الأسرة؛
فإذا خسر الجيل التفافه حول أسرته ضعف شعوره بالانتماء لها؛ وتكونت فجوة عظيمة تظهر نتائجها في شكاوى البرّ وعدم المبالاة بصلة الرحم.

🌊متى آخر مرة عبّرت فيها ابنتكم اليافعة بالمحبة لأمها أو لأبيها أو لإخوتها؟
🌊هل لها مهارات وأفكار لا تشارك الأسرة بها ثمّ هي خارج البيت شخصية مختلفة؟
🌊هل تواجه عقبات في البوح بمشاعرها؟
أو تفعيل المشاعر لسلوك مُحِب؟

ضمن برنامج "مد وجزر" الذي يُعني بالترابط الأسري في مركز الهمة العلياء بالرياض،
يطيب لي تحت "غصن مورق" على شاطئ الهمة أن أجتمع بالفتيات من ١٢ - ٢٠ سنة،
عبر تأصيل قيَمي وحوار وقصيد وأفكار مثمرة نستذكر معنى الأسرة ودفء حضنها ، لنساهم في جعل بنياتنا ثمرات ناضجة مثمِّنة الغصن الذي أورق بهن يومًا..

للتسجيل:
https://alhemmah.sa/products/برنامج-مد-وجزر

شاطئ الرغد

24 Sep, 09:18


كل أرض سكنتها بقي لها حنين واشتياق..
لكن ذلك الوله واللهفة والحب والفخر يبقى للوطن ..
يومًا ما احتضنتني الخضرة، والتف حولي الثلج، وآنستني الأمطار ، شعرتُ بألفة لأحاديث الطبيعة التي لم أعتدها، وبقيت ذكراها الجميلة متشبثة بي، لكنّ جاذبية كبرى بقيتْ للرمال الذهبية حيث وُلدتُ وكبرتُ وعرفتُ ربي..
حيث أسير بحجابي عزيزة دون مضايقات..
هنا أهنأ بخصوصية المرأة،
باحترامها حيثما سارتْ..
بنظرة إكبار لحجابها وحيائها لا استخفاف وازدراء..
أقفُ في طابور الصرّاف؛ فتحضُر الشهامة حين يأبى الرجل إلا أن يقدّمني احترامًا حتى لا أنتظر خلفه ..
مشاهدُ كثيرة تحكي معانيَ متميزة تربّت عليها النفوس..

قالوا لنا يومًا: بلادكم تبتعثكم للدراسة؟ أنتم محظوظون؛ فنحن نبتعث أنفسنا ونتحمل غربتنا ونتكلّف كثيرًا لبناء عقولنا، لا أحد يهتم بنا.
قلت: نعم تبتعث للعلم وتبتعث للعلاج ولغير ذلك أيضًا، نحن في وطن يبني أفراده ويستثمر فيهم بفضل الله.

في وطني..
عزٌّ ورفعة وثباتٌ على دين الله..
في وطني..
لصوت الأذان خفقة وهيبة، وللقرآن حضور في القلوب والأماكن..

هذا هو الوطن الذي به أعتز..
أبقاه الله شامة بين الأوطان وحماه من كيد العابثين بثباته وقيَمه وأمنِه..

كان النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ، فَنَظَرَ إلى جُدُرَاتِ المَدِينَةِ، أوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وإنْ كانَ علَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا؛ مِن حُبِّهَا.-أخرجه البخاري-

جاء في شرحه:
"دفَع راحلتَه -يَعني ناقتَه- وجَعَلَها تُسرِعُ في السَّيرِ… ليَصِلَ سَريعًا إلى المدينةِ؛ من شِدَّةِ حُبِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمَدينةِ واشتياقِه إليها؛ لأنَّها مُهاجَرُه ووَطَنُه، وفيها أهْلُه ووَلَدُه وأنْصارُه مِن المُؤمنِينَ الَّذينَ هُمْ أحَبُّ النَّاسِ إليه، وقدْ جَبَلَ اللهُ النُّفوسَ على حُبِّ الأوطانِ والحَنينَ إليها، وفَعَلَ ذلك عليه السَّلامُ، وفيه أكرَمُ الأُسوةِ".

من تخلّى عن مبادئ دينه، وترك عزّته، واتبع هواه وأخلد إلى الأرض، فهذا لا يمثّل وطنه، ولا صوت الحق الذي لم يغب فيه.
اللهم أمّنا في أوطاننا واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين ..

#خاطرة

https://t.me/Sha6eAlraghad

شاطئ الرغد

22 Sep, 11:50


"علمني الشعر ٣"

🖋️ التحدّي:
للوزن قيد دون شك لكل شاعر، لكنه يمثّل تحديًا جميلًا حتى يفصَّل المعنى على مقاساته تمامًا، ثم ما يلبث أن يصير اعتيادًا ومكانًا أليفًا.
وربّما أثّرت كتابة الشعر على النثر أيضًا، فتخرج بعض الجمل بنسق شعري دون قصد.
لولا تحدّي الوزن والقافية ما نشأت الضرورات الشعرية، أذكر في البدايات وأنا في المدرسة قبل أكثر من خمسة عشر عامًا بينما كنت أستشير عمتي رشأ صاحبة "ديوان نِعم"في أبيات إذ نبهتني على خطأ فقلتُ لها: ألا يعد ذلك ضرورة شعرية مقبولة؟
قالت: بلى ولكن إن شئتِ سرتِ على ضرورات شعرية دون حاجة وهذا ضعف، الشاعر الأصيل لا يلجأ للضرورات الشعرية إلا في أضيق الحدود.
فالتزمتُ ذلك ورأيت أثره.

🖋️ الإيقاع والإنشاد:
كثير من قصائدي تخرج باللحن، لذلك أجد أن القافية مقصودة وجزء من المعنى ثم البحر يأتي معها منسابًا وليس جدولًا لتعبئة الكلمات.
وعندما يتحدد بحر الشعر فربما يعلّمك بقسوة أن لا تصارع موجه، بل تركبها مستمتعًا.
أحيانًا قد يحب الشاعر بعض الكلمات ويريد إضافتها وهي متماشية مع الوزن والقافية ولا إشكال منها سوى جانب يتعلّق بالذائقة الشعرية إذ تكون تلك الكلمة مخلّة بالإيقاع في القصيدة ، وهذا تعلّمه الممارسة والتنقيح وعرض القصائد على أصحاب الخبرة؛ أذكر نصيحة عمتي زينب صاحبة ديوان "بوح وروح" كانت تشير لي ببعض الكلمات وتعقّب: أرى هذه الكلمة ليست شاعرية، وأنا على ثقة أن قلمك سيجيء بالأفضل.
فكنت ألتمس الأفضل وأحاول ألا يأخذني حبّ اللفظ إلى التعلّق به، وعندما أتخلّى عن القديم أجد بحرًا من المرادفات غائبة عني وهي أدلّ وأجمل.
..
أخرج البخاري : كان النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ، حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ :
" اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا …"الأبيات، يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ.
للرجز إيقاع أنيس يخفف أجواء العمل.
..
قرأتُ غير مرة في الجدل الواسع في علاقة القافية بالمعنى أو الشعور الذي يحسّه الشاعر ، بين متكلّف في الربط وغير آبه مطلقًا.
ومن تجربتي الخاصة أرى أن الإحساس يتحكّم في القافية تحديدًا بشكل غير معقول وغير مقبول للعقل ربما، لكنه لا يختار الوزن؛ لا يميل إلى الكتابة على الوافر أو الهزج أو غيره مهما كان قصيرًا أو طويلاً ، نعم قد يرتاح الشاعر لهذا أو ذاك حسب اعتياده، وكثرة ارتياده، لكن يمكن للشاعر أن ينفث في كل قالب حزنًا أو فرحًا، ولا يعني الطول أنه الأنسب للتأوه، أو القصَر أنه أليق بالفرح، فإنّ المفارقة أن الموجوع قد يميل للاختصار لأن الكلمات لا تفي، والصدر يتنهد بما يكفي، وربما مال السعيد للإسهاب لأن لحظة الفرح أو الحب أو الفخر جاءته بالتهاني والأماني ، فالاختصار شحٌّ في اللحظات الكريمة وللأرواح السخية.

التحكم في القافية عجيب مثير للاهتمام، وأثر حركة الرّويّ الساكنة يختلف عن المتحركة.
لا أبالغ إن قلت أنّي عندنا أقرأ قصيدة ما، فإنّ أوّل ما ألتفت إليه هو القافية ثم كيف صيغَ المعنى لأعرف التدفق الشعوري الذي أصيب به الشاعر، ثم كيف سكبه في الإيقاع والتصوير، حتى هدأ ماراثون الشاعر وسكن قلبه.

يولد أحيانا مطلع قصيدة أبيا مستعصيا إلا أن يكون مطلعًا، ويخرج حينا شطر واحد لين سهل أينما يوجَّه يتوجّه، لكنه يفرض على الشاعر قافية ما ، التحكَم والتحدي هو الإكمال بعد البيت العصي المتفرد الأول، فالبيت الفجائي قد يحسنه الشاعر وغيره أما الجرأة على إكمال القصيدة على ذاك البحر والقافية التي اختارها الشعور البكر فليس يسيرا أبدا؛ وهذا دليل على الرضا والقبول حتى يؤدم بين الشعور والقُدرة على تلك القافية، بما يتضمّن حقوقا من تمام الوفاء بالمعنى واحتراف السبك.

مرّ بي قول العلوي صاحب الطراز: "إذا أراد الشاعر بناء قصيدة مخّض المعنى الذي يريد بناء الشعر عليه في فكره «نثرًا»، وأعدّ له ما يلبسه إياه من الألفاظ التي تطابقه، والقوافي التي توافقه، والوزن الذي سلس له القول عليه"؛ فلم أجد هذا ينطبق معي، الشعر نفثة.. هجمة.. شيء لا يبدأ بإعداد منطقي، ومن تجربتي فلا يخرج الشعر إلا شعرًا ولا يحتاج إلى إعداد المقادير نثرًا كما قال العلوي أو أبو هلال العسكري كذلك: "إذا أردت أن تعمل شعراً فأحضر المعاني التي تريد نظمها فكرك، وأخطرها على قلبك، واطلب لها وزناً يتأتى فيه إيرادها وقافية يحتملها؛ فمن المعاني ما تتمكن من نظمه في قافية ولا تتمكن منه في أخرى"، و ذلك يجدي إذا طُلب الشعر طلبًا؛ ولم يخرج سجية مسترسلًا.

لعنترة قصيدة أقرؤها فأحس بفخامة وفرادة، بل تنتقل القراءة إلى مشاهدة فيلم سينيمائي ثلاثي الأبعاد، الوصف فيها له حلاوة لا تُحكى، مع إيقاع صحراوي آسر، ثم سمعتُ أداء النفيس لها فأيقنت أثر الأداء على التصوير المضاعف:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضبُ
https://m.youtube.com/watch?v=ZmazU36WfZA
#خاطرة