مقصد الوسطية في المذهبية:
«الاستقراء يدل على أن أصول الضلال كلها راجعة إلى أصلين:
أحدهما: الإفراط.
والثاني: التفريط.
وأن الحق دائمًا واسطةٌ بينهما، فيه التجافي عن طرف الإفراط وطرف التفريط.
والعلماء ضربوا لهذا أمثلة، فمن أمثلة هذا:
قضية عيسى، فإن النصارى هلكوا فيه بالإفراط، واليهود هلكوا فيه بالتفريط.
ومن أمثلة هذا:
أعمال العبد، فإن الجبرية هلكوا فيها بالإفراط، والقدرية هلكوا فيها بالتفريط.
كذلك مذاهب العلماء: أفرط فيها قومٌ وفرط فيها آخرون:
فرط فيها قومٌ كابن حزم وأتباعه حيث حملوا على الأئمة رضي الله عنهم وأرضاهم وعابوهم، واعتقدوا أنهم مشرعون من تلقاء أنفسهم يقولون على الله ما لم يرد به دليلٌ من كتابٍ ولا سنةٍ، فهذا تفريطٌ في الأئمة.
وقوم أفرطوا في الأئمة فجعلوا يقدمون كلامهم على كلام الله ورسوله، وهذا إفراط لا يجوز، والمذهب الحق وسطٌ بين الأمرين، أنه إن وُجِد نصٌّ من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهو مقدمٌ على قول كل أحدٍ»
الرحلة إلى إفريقيا، محمد الأمين الشنقيطي (ص151- 152).