• وقَالَ الإمام الحُسين "عَليه السَّلام" لأهل بيته وأصحابه يَوْم عاشوراء : صبراً بني الكرام، فَما المَوْت إلّا قنطره يعبر بكم عَن البؤس والضراء إِلَىٰ الجنان الواسعة والنعيم الدائِمة، فَأيكم يكره أَن ينتقل مِن سجن إِلَىٰ قصر؟! وما هو لاعدائِكم إلّا كمن ينقل مِن قصر إِلَىٰ سجن وعذاب. إِنَّ أبي حدثني عَن رسول اللّٰه "صَلىٰ اللّٰه عَليه وآله وسلم" : إِنَّ الدُّنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر. والمَوْت جسر هؤلاء إِلَىٰ جناتهم، وجسر هؤلاء إِلَىٰ جحيمهم، ما كذبت ولا كٌذبت.
• قيل لعلي بن الحُسين "عَليه السَّلام" : ما المَوْت؟! قَال : للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة، وفك قيود وأغلال ثقيلة، الأستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائِح وأوطئ المراكب، وأنس المنازل، وللكافر كخلع ثياب فاخرة، والنقل عَن منازل أنيسة والأستبدال باوسخ الثياب وأخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب.
• وسأل الحسن بن علي بن أبي طالب "عَليهما السَّلام" ما المَوْت الّذي جهلوه؟! قَال : أعظم سرور يرد علىٰ المؤمنين إِذا نقلوا عَن دار النكد إِلَىٰ نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد علىٰ الكافرين إِذا نقلوا عَن جنتهم إِلَىٰ نار لا تبيد ولا تنفد.
• وعَن علي بن مُحَمَّد "عَليه السَّلام" قَال : قيل لمُحَمد بن علي بن موسىٰ "صلوات اللّٰه عَليهم" ما بال هؤلاء المُسلمين يكرهون المَوْت؟! قَال : لأنّهم جهلوه فكرهوه ولو عرفوه وكانوا مِن أولياء اللّٰه عزّ وجلّ لأحبوه ولعلموا أَنَّ الأخرة خير لهم مِنَ الدُّنيا. ثُمّ قَال "عَليه السَّلام" يا أبا عبد اللّٰه ما بال الصبي والمجنون يمتنع مِنَ الدواء المُنقي لبدنه والنافي للألم عَنه؟! قَال : لجهلهم بنفع الدواء، قَال : والّذي بعث مُحَمداً بالحق نبيا أَنَّ مَن أستعد للمَوْت حق الأستعداد فَهو أنفع له مِن هذا الدواء لهذا المُتعالج، أمّا انّهم لو عرفوا ما يؤدي إليه المَوْت مِن النعيم لاستدعوه وأحبوه أشد ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الأفات وأجتلاب السلامة.
رحلة الإنسان مِن المُحتضر إِلَىٰ المُستقر - لـ أبو يوسف الغراوي."