بقلم فضيلة الشيخ أبي مصعب مجدي حفالة
لماذا تعطرت سيرٌ لأهل العلم، وطارَ عَبقُ حياتهم رحيقًا جميلًا يملأ الآفاق، هل تحسب -أيها الطالب- لكثرةِ علمٍ ، أو لطولِ رحلةٍ ، أم للقاءِ أشياخٍ ، وجمع روايةٍ؟.
إنها روافد ومهمات لا ينفك طالب علم عنها.
لكن وراء ذلك كله ، سريرةٌ تفوح بطيبِ ما يُضمر ، ومحبةُ الخير لعمومِ المسلمين ، إن صلاحَ قلب طالب العلم سببٌ في ذلكم التوفيق ، الذي يحيطُ عباراته ، وكتاباته ، وأحواله ، ومقاماته.
سريرةٌ لا تحمل حقدًا ، ولا غلًا ، ولاتعرف غشًّا ، ولا خيانةً ، ولم تكتنفها ظنون ، وأوهام ! ، ولم يكدر صفوها حسدٌ مهلك.
سريرة تَحَيّرَ الأعداء في الكيد لها ، إنه يُدفَع عنه ، ويُصرف ، ويُحمى ، ويُعان ، ويُنصر ، ويُنتصر له !.
تطيش السهام ، وتتكسر الرماح " وينطلي الكرابيسي ، و يرتفع أحمد ".
لقد كان أهل الأهواء والبدع ، يكيدون لعلامة اليمن أبي عبد الرحمن مقبل الوادعي ، ويمكرون بدعوته ، فلم يثن كيدهم عزمه على دعوة المسلمين إلى المنهج الحق.
لم يجلس ليخطط كما يخططون ، ويدبر المكائد كما يدبرون.
بل نشط في بث علمه بين طلابه ، ومن على كرسي درسه يرسل سهاما مباركات ، تصيب الخصوم في مقتل ، وعلى حد تعبيره -رحمه الله- " لطمة ونحن ماشون ".
فمن أسباب التسديد لهذا العالم المحدث الألمعي بعد حسن توكله على ربه ، وإعتماده على نصرته ، وإعانته ، سريرة طيبة !.
تلكم التي أيقظته من نومه ، فزعا يبكي بكاءا شديداً ، عند أن أخرج الأمن السياسي ، الطلاب الليبين من "دماج" ، فخاف الطبيب على الشيخ ، وكان نائما معه ، وظن أن بكاءه من آلام المرض !.
فإذا بالشيخ يقول - وهو يبكي -" الإخوة الليبيون غرباء !! ، أين سيذهبون ؟؟ ".
هل أدركتَ - أيها المُحِب - لِمَ صار عطراً فوّاحاً وحديثاً عذباً جميلاً - رحمه اللهُ وأنزَلَه أعلى الجِنان -