من حيث ان الإنسان خُلق للحياة الدائمة والعيش السرمدي، وعمر الاخرة لا نهاية له، وقد جعل الله تعالى هذه الدنيا مزرعة الاخرة، ورتب الجزاء في الاخرة على الأعمال في هذه الدنيا، فكان تأهل العباد لتلك السعادة الأبدية بهذه الأعمال الدنيوية البسيطة كما تقدم
فإن الاتفات الى قصر العمر في الحياة الدنيا مقابل الحياة الدائمة والعيش السرمدي وإن اللامحدود يتحدد سعادةً وشقاءً بهذا العمر المحدود، مما يجعل كل آن فيه يقابل اللامحدود وهذه من دواعي اليقظة والحركة للسالك مما يجعل العبد إلى موجود حريص على كل لحضةٍ من حياته، أضف إلى حرصه لانتفاء أفضل الأعمال التي يملأ بها هذا الوقت القصير، الذي سيحدد مصيره الأبدي في الجحيم او النعيم..!
ولهذا فإن من رحمته تعالى وكرمه اللامحدود ولطفه العظيم جعل اعمالنا غير منقطعة بانقطاع اعمارنا
ولهذا مثلا جعل أنّ من سنة سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة، والعكس كذلك.
وكذلك من رحمته تعالى وكرمه وجوده مثلا جعل من أحكامه ان الوالدين شركاء مع أولادهما فيما يعملون من أعمال الخير بمقتضى رحمته تعالى.
وكذلك مثلا جعل ثواب بعض الأعمال أن يخلق ملائكة يعبدون الله الى يوم القيامة، ويكون ثواب عبادتهم لصاحب العمل.
وكذلك خلق لنا ليلة واحدة تعادل خير من الف شهر
وجعل تفكر ساعة بمنزلة عبادة ستين سنة.
وجعل مبيت ليلة عند أمير المؤمنين (ع)، تعدل عبادة سبعمائة سنة
وجعل قضاء حاجة المؤمن يعدل عبادة تسعة آلاف سنة، صائماً نهارها قائماً ليلها.
وجعل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، قائمة مقام صيام الدهر.
كل ذلك كرماً وتعطفاً منه على عباده المؤمنين، ولكي يؤهلهم لأن يصلوا الى رتبة استغراق عمر الدنيا بالطاعة، حتى يكون لهم شوق وانجذاب للتأهل بهذه المراتب النفيسة. وهذا نوع من الجذب الألهي لعباده.
ثم ان هناك باب عظيم وهي النية التي هي خير من العمل فجعل نيات المؤمنين أن لو خلدوا في الدنيا لداموا على طاعتهم لله عزوجل، فأثابهم على ذلك ثواب الدائمين على طاعته، وجعل جزاءهم على هذه النيات الخلود في الجنة. وكما ان عكس ذلك نية الكفار.
اذن ان اعمالنا مبنية على الدوام لا الانقطاع.