بسم الله الرّحمن الرّحيم
زملائي طلبة الطب في الجزائر ؛ السلام عليكم جميعًا و رحمة الله تعالى وبركاته .
أكتب هذا المقال و نحن في يومنا الرّابع للإضراب ، إضراب قلّ مثيلُه و قلّ نظيرُه ، إضراب شمل كلّ التراب الوطنيّ لأحد أكثر القطاعات حساسيّةً ، و شهدَ تضامنا رهيبًا لم يسبق له مثيل ؛ حتى أن بعض الأخبار التي تصل من هنا و هناك أشارت إلى رغبة بعض المقيمين Les Résidents الانضمام إلى الإضراب ؛ لمَ في رأيك ؟ قطعًا لأنه يعلم أن هذه الفرصة بهذا التنظيم و الفعالية و التكتل لن تتكرر قريبًا .. لذلك يريدُ أن يستغلّها و أن يكون له نصيبٌ من نتاجِها ، أما و إن خرج دون نتاج فيكفيه أنه حاول و رفض الذلّ و الخضوع .
للأسف العكس تمامًا ما نعانيه اليوم ، أغلب الطّلبة اتخذ هذا الإضراب فرصة للرّاحة ، أو فرصة لتدارك الأمر مع دروسه المتراكمة ، بينمَا زملاؤه يقفون تحتَ الشمس أو تحت المطر لساعات ليجلبوا له حقّه ، و المشكل أنه لا يرى نفسه مقصّرًا أصلا !
تخيّل - أنت الذي تفعل هذا- ، إضرابُنا آتى أكله و نلنَا جميع مطالبنا ، أترى نفسكَ جديرًا بنيل هذه النتائج و أنت لم تبذل قطرة عرق في سبيلهَا ؟ أتستسيغ نفسك أن تحصد بسهولة ما تعب على زرعه الآخرون ؟
تخيل الآن أننا لم نصل لشيء و عدنا إلى أجواء الدّراسة و حققنا لك مرادك ، أو تعلم أنك ستكون من بين الأسباب الرئيسية لفشل هذا الإضراب و إحباط انتفاضة كانت ستغيّر الكثير في قطاع الطب !
اتضحت لك الصورةُ قليلًا الآن ؟ يعني الآن أنت أمام واقع حتميّ ، إما أن تأتي و تقفَ مع إخوانك لساعتين يوميّا لا أكثر ثمّ تذهب و تواصل خبيشَك أو أيا ماكنت تفعله ، و إما اذهب و تأكد من أصلك و نسبِك ، فجدّك وقت الثورة حتمًا لم يكن يفعل هذَا ، أما إن كان يفعل فقد رُفع عنك القلم و أنت معذور ، فأمر الكرامة و الشهامة مفقودة فيكم أبًا عن جدّ.
أعرف أنّك لم تعتدْ على هذَا ، أعرف أنك كنت التلميذ الذي يذكّر المعلّمة بالواجبات التي لم ينجزهَا أغلب زملائك ، أعرف أنّك كنت من بين الوحيدين الذين يرفضونَ الهرب من الثانوية أو المتوسطة إن سنحت الفرصة ... لكن لا مشكل ؛ كلّ شيء يتمّ تعلّمه أخي ، فالعلمُ بالتعلّم ... و مهارات الحياةِ لن تتعلّمها بالبقاء في مكتبك لساعاتٍ طوال ، و والله لو بقيت هكذَا ، ستشهد بنفسكَ كيف سيتِم هضمَ حقوقك أمام عينيك و لن تستطيع حينهَا أن تحرك ساكنًا ..
أما الذين يأتون و يصعدون إلى المكتبة وقت الوقفة فهم أناسٌ صح فيهم القولُ " لا حياةَ لمن تنادي " ، لذا ما قيل فيهم و عنهم يكفي ، و إن لم يحركوا ساكنًا في ما مضى فلا أعتقد أنهم سيفعلون ..
لذا رجاءً ، نحن في منتصفِ الطّريق ، و لا مجال للعودة ؛ فإما النّصر و إما النّصر ، فأعنّا بحضورك ، و إن كنت غير مقتنعٍ من جدوى الإضراب و ترانا بأننا كمن يصيح في المقبرة محاولا إيقاظ الموتى ، فإليك المعلومة التالية : قبل إضراب 2011 كان الطبيب المقيم Résident يستفيد من منحة تقدر ب 8000 دج ، و بعد الإضراب أصبح موظفًّا بدوام كامل له كل الحقوق و الصلاحيّات .. و براتب أكثر من 35000 دج ! و الأمثلة كثيرة .. فلا تعاند أرجوك من أجل أن تعاند .
نلتقي غدًا في ساحة الكلية ، مآزر بيضاء و لافتات معبرة ، و ليكن شعارك " أسبوع أو شهر أو سنة بيضاء ، خير من مستقبل أسود "
ألا هل بلّغت ؟ اللهمّ فاشهد !
#Beka يوم 21 أكتوبر 2024م
#إضراب_الكرامة 🤍