أبو الطيب المتنبي

يتحدّث المتنبي عن النساء في هذه الابيات بلغة حادة، فيقول:

إن من شيم المرأة الغدر وإن غدرَت فقد وفَّت بعهدها لان من عهدها أن لا يدوم لها عهد، امّا لو احبت فهي اشدّ من الرجل في حرارة شوقها وان أبغضت بالغت في بغضها وكان بغضها أذى.

وان حقدت لم يبق في قلبها محل للرضى وإن رضت لم يبق في قلبها شيء من الحقد، اي لا يجتمع في قلبها حقدٌ ورضى، ومع ذلك يضلّ العاقلُ لو سقط بحبهن ويفقد بهواهنّ رشده.

«الظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد
ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ.»

- المتنبي.

قد هَوَّنَ الصَّبرُ عِندي كلَّ نازِلَةٍ.

- المُتنبِّي.

قال أرسطوطاليس:
‏
«النظر في عواقب الأشياء يزهِّد في حقائقها، والعشق عمى النفس عن درك رؤية المعشوق.»

‏وقال المتنبي:
‏«لو فكر العاشق في منتهى‏
حسن الذي يسبيه لم يسبه.»


معنى ذلك ان العشق يعمي العاشق عن ادراك مساوئ المعشوق، ذلك ان التفكير في عمق الاشياء يفقدها بريقها، فلو فكر الانسان بعواقب مجمل الامور تفكيرًا موضوعيًّا ما اقبلَ عليها.

‏"برِّد حشايَ إن استطعتَ بلفظة"

- المتنبي.

على علوِّ مطامحه وارتفاعها- يدرك أنّ الكلمة أثمنُ ما يُبتغى، وأعزُّ ما يُنشد، وأنه لا شيء أقدر على إطفاء حرقة القلب ولوعة الحزن سواها. واستشفاعه بالكلمة وافتقاره لها؛ يزري بما كان من توسّلاته كلّها!

— معاذ الجريد.

«ومن يُنفقِ الساعات في جمْعِ مالِهِ
مخَافةَ فقرٍ؛ فالذي فعلَ الفقرُ.»

‏- المتنبي.

الشيب، طالما استخدمه الشعراء كرمز يدل على المصائب والهموم والاحزان، اذ يظهر الشيب في الشعر العربي كتعبير مجازي عن الآثار النفسية والجسدية العميقة التي تخلّفها الرزايا والتجارب القاسية على الإنسان.

فيقول ابو تمام أن الرأس سرعان ما يشيب لو هوجم القلب بالأعباء والاحزان:
‏
«شاب رأسي وما رأيتُ مشيب
الرأس إِلا مِن فضل شيب الفؤادِ».

‏وكذلك قول المتنبي:
‏
«والهمّ يَختَرِمُ الجسيم نحافة
‏ويُشيب ناصية الصبي ويُهرِمُ.»

يعني ذلك أن الهموم قادرةٌ على ان تُضعف حتى الاقوياء وتبري جسامتهم، وتشيبُ رؤوس الاطفال مع صغر سنّهم.

قال الامام الغزالي في الإحياء: «إن الشيب يحصل من الحزن والخوف.»

‏- قال المُتنبّي:

"فقلقلتُ بالهمّ الذي قلقلَ الحَشا
قلاقلَ عِيسٍ كلهنُّ قلاقلُ".

فقال النُّقاد: ليته نام تلك اللّيلةَ وأراحنا.

ما بين التلميذ والأستاذ.

قال المعري:
‏«كلّ مَن لاقيت يشكو دهرَهُ
ليت شعري هذه الدّنيا لمَن!».

‏وقال المتنبي:
«لَحَا اللهُ ذي الدنيا مُنَاخًا لراكبٍ
فكُلُّ بعيدِ الهمِّ فيها مُعَذَّبُ
‏
ألا ليت شعري هل أقولُ قصيدةً
ولا أشتكي فيها ولا أتَعَتَّبُ».

«فليتَ هوى الأحِبَّةِ كانَ عدلًا
‏فحَـــمَّلَ كُلَّ قلبٍ ما أطاقـــا».

- المتنبي.

يتمنى لو كان هوى الاحبّة عادلًا، فيحمل على قلب المحبّين بما يطيقون، يعني بذلك ان الهوى جار عليه فحمّله ما لا يطاق.

ربما استلهم هذه الفكرة من علم الكلام، اذ كانت ترى المعتزلة انّ الله عدل وبما انّه كذلك، فمحال ان يكلّف نفسًا ما لا تطيق، خلاف ما ذهبت اليه الاشعريّة فقالت بجوازه.

«هَذا عِتابُكَ إِلّا أَنَّهُ مِقَةٌ
قَد ضُمِّنَ الدُرَّ إِلّا أَنَّهُ كَلِمُ.»

- المتنبي، من قصيدة عتاب لسيف الدولة.


قال الواحدي: هذا الذي أتاك من الشعر عتاب مني إليك وهو مقةٌ وود لأن العتاب يجري بين المحبين وهو درٌ يعني حسن نظمه ولفظه غير أنه كلمات.

«إِن كانَ سَرَّكُمُ ما قالَ حاسِدُنا
فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ».

- المتنبي لسيف الدولة.

يعني بذلك، أن أي جرح يصيبني لا أتألم به، إذا كان فيه رضاكم. فلو كنتم قادرين على اذيتنا فلتفعلوا، وكأنه اقرب للعتاب، او اختبار ما يكنه الاخرون لك من خلال ما يرضونه عليك.

«قَبَّلتُها وَدُموعي مَزجُ أَدمُعِها
‏وَقَبَّلَتني عَلى خَوفٍ فَمًا لِفَمِ

‏فَذُقتُ ماءَ حَياةٍ مِن مُقَبَّلِها
‏لَو صابَ تُربًا لَأَحيا سالِفَ الأُمَمِ.»

- أبو الطيب المتنبي.

«مَرَرْتُ على دارِ الحَبيبِ فحَمْحمتْ
‏جَوادي وهل تُشجي الجيادَ المعاهدُ؟».

- المتنبي.

يصف المتنبي تأثير المكان الذي كان يسكنه الحبيب عليه، اذ تفيض عنده الذكريات وتهيج جنبه المواجع، حتى أن جواده شعر بالحنين وشاركهُ بنفس المشاعر.

«وَيَومٍ كَلَيلِ العاشِقينَ كَمَنتُهُ
أُراقِبُ فيهِ الشَمسَ أَيّانَ تَغرُبُ».

- المتنبي.

أيامنا صارت طويلة وثقيلة، كليالي العاشقين، يحشوها الانتظار والشوق والترقّب.

يقول أبو الطيب المتنبي متسائلًا:

"وَ مَن لُبُّهُ مع غيرهِ كيف حالُهُ؟
‏و مَن سِرُّهُ في جَفنِهِ كيف يكتمُ؟"

فيجيب محمد الجواهري بعد قرون:

"تائه في حياته ليس يَدري
أيُّ بابٍ إلى السُّرورِ يُؤدّي".

أبو شجاعٍ أبو الشجعان قاطبةً
ليثٌ نمتهُ من الهيجاءِ أهوالُ

قد أحرز المجد حتّى ما لمفتخرٍ
في المجد ميمٌ ولا جيمٌ ولا دالُ..

- أبو الطيب المتنبّي.

جزاك ربّك بالأحزانِ مغفرةً..

- المتنبّي.

وَأَتعَبُ خَلقِ اللَهِ مَن زادَ هَمُّهُ
وَقَصَّرَ عَمّا تَشتَهي النَفسُ وُجدُهُ.

- أبو الطيب المتنبي.

قال أبو الطيِّب المتنبي في رثاء أخت سيف الدولة:

طَوى الجَزيرَةَ حَتّى جاءَني خَبَرٌ
فَزِعتُ فيهِ بِآمالي إِلى الكَذِبِ

حَتّى إِذا لَم يَدَع لي صِدقُهُ أَمَلاً
شَرِقتُ بِالدَمعِ حَتّى كادَ يَشرَقُ بي

أَرى العِراقَ طَويلَ اللَيلِ مُذ نُعِيَت
فَكَيفَ لَيلُ فَتى الفِتيانِ في حَلَبِ.