بدر خليفة

Channel photo updated

يروي توماس ريس قصة الكاتب الذي أدخل أذربيجان عالم الروايات في الحب. فإذا كان للإنجليز روميو وجوليات والعرب قيس وليلى والألمان تريستان وأوزولده، فإن أذربيجان لديهم قصة علي ونينو.
يتناول توماس ريس كاتب قصة علي ونينو وهي قصة حب لشاب أذري مسلم وفتاة مسيحية كتبها ليف نوسيمباوم أو أسعد باي أو قربان سعيد، فكلها أسماء له. يتتبع ريس حياة ليف في بدايتها في باكو أذربيجان حيث كان والده من تجار النفط في فترة إزدهاره في المنطقة وهروبهما بعد دخول البلاشفة إلى باكو والعودة إليها والفرار منها مره أخرى واستقرارهم في برلين سنة 1922. يلتقى ليف بمفكرين وكتاب كبار مثل باسترناك ونابوكوف وغيرهم وقبيل إنهيار الإمبراطورية العثمانية يحصل منها ليف على شهادة تثبت إسلامه. يُعد ليف شخصية غامضة وذات إنتماءات متعددة، كان إنتاجه الفكري والأدبي غزير ومتنوع في الرواية والتاريخ والسيرة إلا أن يهوديته كانت تطارده حيث كان اليسار والشيوعيه يحاربانه لأنه كتب عنها وعارضها وكتب عن ستالين وغيره والمسلمين يرونه مستشرق يحمل صفات الذين سبقوه من عدم المهنية والدقة، والنازية حاربته كونه من أصول يهودية. لكن استعراض توماس ريس وتتبع حياة ليف لهو عمل جدير بالقراءة لأنه يكشف للقارئ مجالات لم يكتب عنها ولم تدرس في إنتاج ليف الأدبي والفكري.

أسلوب عبد الرحمن بدوي سهل و جميل وهذا سيجعلك تستمتع بقراءة الكتاب. في البداية تحدث الكاتب عن حياة نيتشه منذ ولادته حتى اصابته بالجنون. ورث نيتشه عن والده تدينه شفقته على الاخرين و مثاليته وورث عن امه حسًا مرهفا في شبابه، تاثر بفلسفة شوبنهاور المتشائمة التي تقول ان الحياة شر مطلق وبموسيقى فنجر. كان دائما يميل الى العزلة وكانت هذه الاخيرة بالاضافة الى كل الامراض التي عانى منها في حياته من اسباب عبقريته كما يقول هو.
.
ثم انتقل الكاتب لعرض تطور الفكر الاروبي انطلاقا من عصر التنوير عصر العقل و المنطق و العلم الذي ظهرت فيه افكار ادم سميث النظام الراسمالي، الفردية و الذاتية إلى الرومانتيكية عصر الطبيعة، التشبت بالماضي و القومية و الدين. ظهر هذا جليا في الادب الرومانتيكي و التاريخ لكن اثبت هذا التيار فشله في باقي المجالات و عصر الوضعية اي المادية و المدنية التشبت بكل ما هو واقعي و الابتعاد عن كل ما هو روحي (ما وراء الطبيعة) وسط كل هذا أصبح الانسان الحديث في ظل المدنية يشك في كل القيم الروحية وبدا اليأس ينتشر وهذا كان الوقت المناسب لظهور افكار نيتشه الذي جاء لينقد الانسان من كل هذا التخبط. كل الاذان أصبحت مستعدة لسماع موسيقى نيتشه موسيقى المستقبل
.
. أولآ قام نيتشه بتحطيم الأصنام، أصنام الاخلاق وصنف الأخلاق الى أخلاق سادة و عبيد فالسيد يميز بين الجيد و الردئ أما العبد بين الخير و الشر و بسبب ضعف هذا الاخير يعتبر الضعف، الخنوع، الطاعة و حب الأعداء فضيلة في حين أن الأول يعتبر الشجاعة نبلا وهكذا ظهرت قيم المسيحية التي هي صورة من صور اليهودية الشعب الذي عاش تاريخا طويلا من الاضطهاد وبهذا فان سبب كل الاضمحلال الذي عانته الانسانية على مر العصور هو سيادة قيم العبيد قيم الضعف مكان قيم القوة. ثانيا قام نيتشه بتحطيم أصنام الفلسفة الذين قدسوا العقل كسقراط و الذين آمنوا بوجود عالم آخر كافلاطون.
.
الخير بالنسبة لنيتشه هو كل ما يعلو في الانسان بشعور القوة و الشر هو كل ما يصدر عن الضعف "الضعفاء يجب ان يفنوا" وعكس شوبنهاور الذي قال بان الإرادة هي إرادة حياة وجوهر الوجود وهي التي تبث في الانسان رغبات متجددة لا يمكن إشباعها فلا يصبح للوجود غاية و النتيجة العملية تبقى هي الفناء، يرى نيتشه ان الإرادة هي إرادة قوة اندفاع إلى إثراء النفس و العلو بها و الغاية من الحياة هي الانتقال من الدرجة الواحدة الى الدرجة الاعلى
.
"إنكم بقيمكم و اقوالكم في الخير و الشر تمارسون قوتكم أنتم يا من تقومون القيم وهذا هو حبكم المتخفي و شعوركم الذي تفيض به نفوسكم"
و أخيرآ الانسان الاعلى؛ يدعو نيتشه إلى قيم الفرد

قراءة في لوحة فاسيلي فريشاغن. نظرة استشراقية.