قال حرب بن إسماعيل الكرماني : وسمعت إسحاق أيضًا يقول: إن لم يدخل بإزار، وتجرد في الماء حتى يستر بالماء عورته رجونا أن لا يكون آثمًا في فعله؛ لما صح أن موسى -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يغتسل وحده وبنو إسرائيل يغتسلون أيضًا فذكروا بينهم أن موسى عليه السلام إنما يترك الغسل معنا؛ لأنه آدر، فدخل يومًا فوضع ثوبه فجاءت الريح، وخرج موسى عليه السلام يتبع ثوبه وهو ينادي: "يا حجر ثوبي يا حجر ثوبي" حتى رآه بنو إسرائيل عريانًا؛
لما أراد اللَّه أن يبين لهم إن ما قالوا ليس كما قالوا، فهو قول اللَّه تعالى: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} ففي هذا بيان أنه كان يدخل الماء، ولا يستتر بشيء إلا بالماء،
فإن قال قائل: فإن أحكام الأنبياء تختلف. قيل له: صدقت، ولكن كلما ذكر عن نبي من الأنبياء سنة رخصة أو عزمة المسلمين،
فالاقتداء بذلك حسن جائز ما لم يكن شريعة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- على خلاف ذلك قال اللَّه تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}»
«الجامع لعلوم الإمام أحمد - الفقه» (21/ 44)
فشرع من قبلنا الذي ثبت عندنا نقله في الكتاب والسنة والآثار هو شرع لنا ما لم يأت بشرعنا خلافه
وأما المنسوخ من الشرع - ومن باب أولى المبدل المحرف - فليس شرعا لنا ولا يجوز العمل به
قال ابن أبي حاتم في تفسيره حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ثنا عَبَّاسٌ الْخَلالُ ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا كُلْثُومُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيَّ يَقُولُ: إِنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِالتَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَلا نَعْمَلَ بِمَا فِيهَا