الحرب قتل منظَّم، ليس إلا.
هاري پاتش (1898-2009): أطول المحاربين في الحرب العالمية الأولى عمرًا
على المرء أن يسأل: لماذا يوجد هذا التقسيم: الروس، الأميركيون، البريطانيون، الفرنسيون، الألمان، وهلم جرا؟ لماذا يوجد هذا الفصل بين الإنسان والإنسان، بين العِرق والعِرق، ثقافة ضد ثقافة أخرى، طائفة واحدة من الإيديولوجيات ضد طائفة أخرى؟ لماذا؟ لماذا يوجد هذا الفصل؟ لقد قسَّم الإنسانُ الأرضَ بصفتها "لك" و"لي" – لماذا؟ أهو لأننا نحاول أن نجد الأمان أو حماية الذات في جماعة معيَّنة، أو في معتقد أو إيمان بعينه؟ إذ إن الأديان هي الأخرى جزَّأت الإنسان، ألَّبت الإنسان على الإنسان: الهندوس، المسلمون، المسيحيون، اليهود، وهلم جرا. القومية، بنزعتها الوطنية المؤسفة، هي في واقع الأمر شكل ممجَّد، شكل مشرَّف، من أشكال القَبَلية. ففي قبيلةٍ صغيرةٍ أم في قبيلةٍ كبيرةٍ جدًّا هناك شعور بالتلاحم، بالاشتراك في اللسان نفسه، في الخرافات نفسها، في الصنف نفسه من النظام السياسي أو الديني. بذا يشعر المرء بأنه آمِنٌ، محميٌّ، سعيدٌ، مرتاح. ومن أجل ذلك الأمان وتلك الراحة، ترانا على استعداد لقتل الآخرين الذين عندهم النوع نفسه من الرغبة في الأمان، في الشعور بالحماية، في الانتماء إلى شيء ما. وهذه الرغبة الرهيبة في التماهي مع جماعة، مع راية، مع طقس ديني، إلخ، هي التي تمنحنا الشعور بأن لنا جذورًا، بأننا لسنا شُذَّاذ آفاق. [...]
إنها أرضنا – لا أرضك أو أرضي أو أرضه. والمقصود منَّا أن نحيا عليها متعاونين، لا أن ندمر بعضنا بعضًا. هذا ليس هراءً رومانسيًّا ما، بل واقع الحال الفعلي. غير أن الإنسان قسَّم الأرض، آمِلًا بذلك أنه في حياته الخاصة سوف يجد السعادة والأمان وإحساسًا مقيمًا بالراحة. فإلى أن يحدث تغيير جذري، فنكتسح جميع القوميات، جميع الإيديولوجيات، جميع الانقسامات الدينية، فنرسخ علاقةً عالميةً – على الصعيد النفسي أولًا، داخليًّا، قبل تنظيم الخارج –، ترانا سوف نواصل الحروب. إذا آذيتَ الآخرين، إذا قتلتَ الآخرين، سواء في ساعة غضب أو بواسطة إجرام القتل المنظَّم الذي يسمَّى الحرب، فأنت – باعتبارك سائر الإنسانية، ولستَ إنسانًا منفصلًا يقاتل بقية الجنس البشري – تدمر نفسك.
#جيدو_كريشنامورتي
@Myguru1