كنتُ أظن أنّ الضجر لا سبيل له إلى النفس تحت رصاص التشيتشينيين: ولكن ظني أخطأ، فما كاد ينقضي شهر واحد حتى ألفت أزيز الرصاص ومجاورة الموت، وصرتُ أهتم بذلك كله أقل مما أهتم بدندنة الذباب.. وغدوتُ أشدّ ضجرًا مما كنت في أي عهدٍ مضى، لأنني فقدتُ هنالك آخر أمل. وحين رأيتُ بيلا في غرفتي، حين وضعتها على ركتبيّ أول مرة، وقبّلتُ ضفائرها السود، شعرتُ - ويا لها من غباوة - أنّ القدر قد رحمني، فأرسل إليّ هذا الملاك، ينتشلني مما أنا فيه. لقد أخطأتُ الظن هذه المرة ايضًا. إنّ حب هذه الصغيرة المتوحشة ليس أفضل كثيرًا من حب سيدة. فهذه تزعجني ببساطتها وسذاجتها مثلما تزعجني تلك بتكلفها وتغندرها. لا أدري أأنا أحمق أم أنا وغد. ولكن هناك شيئًا لا مراء فيه، وهو أنني جدير بالشفقة، ولعلني أجدر بها منها. إنّ لي نفسًا أفسدَتْها حياة المجتمع الراقي وخيالاً قلقًا، وقلبًا لا يشبع من جوع، لا شيء يرويني. فسرعان ما آلف الألم واللذة كليهما. وإنّ وجودي ليزداد فراغًا يومًا بعد يوم.
ميخائيل ليرمنتوف..
-بطل من هذا الزمان.