فَلَيْتِكِ تَحلّينَ وَالحَياةُ مَريرَةٌ
وَلَيْتِكِ تَرْضَينَ وَالأَنَامُ غِضَابُ
وَلَيْتَ اللَّيْلَةَ بَيني وَبينَكِ عَامِرَةٌ
وَبَيني وَبينَ العَالَمِينَ خَرابُ
إِذَا نِلْتُ مِنكِ الوُدَّ فَالكُلُّ هَيَّنٌ
وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابُ
فَيا لَيْتَ شُربِي مِن وِدادِكِ صافِيًا
وَشُربِيَ مِن ماءِ الفُراتِ سَرابُ
فَإِنِّي أَرى رَسْلًا تَحْتَ ظِلِّكِ يَزْهُو،
فِي حُضْنِكِ تَتَجَلّى أَحْلَامُ السَّرَابِ.
فَتَغْمُرُنِي أَمْوَاجُ حُبِّكِ، كَأنَّهَا نَهْرٌ جَارٍ،
تَحْمِلُني إِلَى مَرافئِ الأملِ، بَعيدًا عَنْ كُلِّ عَذابِ.
فَلَوْ أَخْذَلَني الزَّمَانُ وَتَجَافَى عَنِّي الأَحِبَّةُ،
لَكُنْتُ أَحْتَسِي شَذَى وَدَادِكِ، أَشْعُرُ أَنَّ الحَيَاةَ قَدْ تَجَسَّدَتْ فِي كَلِمَاتِكِ.
فَكُنِ لي نَجْمًا يُنيرُ ظَلامَ اللَّيَالِي،
وفَكُنِ لي وَطَنًا أَشْمَلَ مِن كُلِّ الدُّنْيَا وَمَا فِيها مِن شَغَافِ القُلُوبِ.
فَيا لَيْتَني أَستَطيعُ أَنْ أَحْمِلَ رَسْلَ حُبِّكِ فِي كُلِّ أَنْفَاسِي،
فَأَجْعَلَ مِن كُلِّ لَحْظَةٍ مَحَطَّةً لِذِكْرَى هَذَا الحُبِّ،
حُبٌّ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُخَطَّ بِحُروفِ الذَّهَبِ،
فَإِنَّكِ أَنتِ الأَمَلُ وَالضِّيَاءُ فِي عَالَمِي، وَمَا سِوَاكِ سِوَى خَيَالٍ وَسَرَابِ.
فَإِنِّي أَرى رَسْلًا تَحْتَ ظِلِّكِ يَزْهُو
كَالشَّمْسِ تَتَأَلَّقُ فِي جَمالِهَا وَتَحْتَ عَيْنَيْكِ تَسْتَحِيلُ السَّرَابُ
وَفِي شَعْرِكِ الأَحْمَرِ يُشْعِلُ النَّارَ فِي قَلْبِي، فَأَنتِ العَذَابُ
فَكَيْفَ لي أَن أَقْتَرِبَ مِنْكِ وَأَنْتِ صَعْبَةُ المَنَالِ، كَأَنَّكِ خَيَالُ؟
فَيا لَيْتَني أَستَطيعُ أن أَغْمُرَكِ بِحُبِّي، فَتَحْتَ قَمَرِ اللَّيالي نَحْنُ نَحْلُقُ كَالطُّيورِ فِي السَّحابِ.
• د. أنس مُحمد