درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

@ferkousdorar


قناة سلفية على تطبيق التليغرام تنشر درر و فتاوى #الشيخ_فركوس_عالم_الجزائر حفظه الله و رعاه

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:22


(٢) قال ابنُ الأثير في «النِّهاية» (٥/ ٢١٤): «الوَقْص: كسرُ العُنُق، وَقَصْتُ عُنُقَه أَقِصُها وَقْصًا، ووقَصَتْ به راحلتُه كقولك: خُذِ الخِطامَ وخُذْ بالخطام، ولا يقال: وقَصَتِ العُنُقُ نفسُها، ولكِنْ يقال: وُقِصَ الرَّجلُ فهو موقوصٌ» [وانظر: «الصِّحاح» للجوهري (٣/ ١٠٦١)].
(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجنائز» ‌‌باب: كيف يُكفَّنُ المُحرِمُ؟ (١٢٦٧)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٠٦).
(٤) «تفسير السِّعدي» (١٩٦).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:22


الفتوى رقم: ١٣٩٠
الصنف: فتاوى الحجِّ والعُمرة ـ أحكام الحجِّ
في حكمِ مَنْ ماتَ قبلَ طوافِ الإفاضةِ
السؤال
سافرَ رجُلٌ رُفقةَ زوجتِه إلى الحِجازِ لأداءِ فريضةِ الحجِّ معًا، وبعدَ المُضِيِّ في المناسِكِ تُوُفِّيَ الحاجُّ ولم يَطُفْ طوافَ الإفاضةِ؛ والسُّؤالُ المطروحُ هو: هل يُطافُ عنهُ؟ وهل زوجتُه الَّتي معه تَلزَمُ محلَّ إقامتِها بنِيَّةِ العِدَّة حتَّى ترجعَ إلى بلدِها أم ماذا عليها أَنْ تَفعلَ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمَنْ مات في أثناء الحجِّ ولم يَطُفْ طوافَ الإفاضةِ فلا تجبُ، بل لا تجوزُ النِّيابةُ على ما بقيَ مِنْ حجِّه على أصحِّ قولَيِ الشَّافعيِّ ـ رحمه الله ـ، وهو ما رجَّحه النَّوويُّ ـ رحمه الله ـ بقوله: «إذا ماتَ الحاجُّ عن نَفْسِه في أثنائه: هل تجوز النِّيابةُ على حَجِّه؟ فيه قولانِ مشهورانِ: (الأصحُّ) الجديدُ: لا يجوزُ كالصَّلاةِ والصَّومِ..»(١) وغيرها مِنَ العِباداتِ البدنيَّةِ، وإنَّما تجوزُ النِّيابةُ عنه إِنْ كان الحجُّ قد استقرَّ في ذِمَّتِه، فإنْ لم يَستقِرَّ في ذِمَّته أو كان تطوُّعًا فلا يجب الإحجاجُ عنه، ويُقوِّي هذا المذهبَ حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «خَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَعِيرِهِ فَوُقِصَ(٢) فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا»»(٣)؛ ففي الحديثِ إخبارُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّ اللهَ يبعثُه يومَ القِيامةِ مُلبِّيًا، ولم يأمرِ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ في كافَّةِ رواياتِ الحديث ـ بأَنْ يُتِمَّ عنه غيرُه، لأنَّه لا يَزالُ مُحرِمًا، يُكتَبُ له الحجُّ ـ إِنْ شاءَ الله ـ كاملًا بشرطِه لقوله تعالى: ﴿وَمَن يَخۡرُجۡ مِنۢ بَيۡتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدۡرِكۡهُ ٱلۡمَوۡتُ فَقَدۡ وَقَعَ أَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ﴾ [النِّساء: ١٠٠]، قال السِّعديُّ ـ رحمه الله ـ في تفسيره للآية: «أي: فقَدْ حصَلَ له أجرُ المُهاجِرِ الَّذي أَدركَ مقصودَه بضمانِ اللهِ تعالى، وذلك لأنَّه نوى وجزَمَ، وحصَلَ منهُ ابتداءٌ وشروعٌ في العملِ، فمِنْ رحمةِ الله به وبأمثالِه أَنْ أعطاهُم أَجْرَهم كاملًا ولو لم يُكمِلوا العملَ، وغفَرَ لهم ما حصَلَ منهم مِنَ التَّقصيرِ في الهجرةِ وغيرِها»(٤).
وأمَّا زوجتُه فعليها أَنْ تُكمِلَ حَجَّتَها، لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، ولقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ ٣٣﴾ [محمَّد]، فإِنْ أَتمَّتْ فتبقى في نُزلها على الحِدادِ مُنتظِرةً يومَ العودةِ إلى بلدِها، فإِنْ حان وقتُ رحيلِها فتطوفُ طوافَ الوداعِ ليكونَ آخِرُ عهدِها بالبيتِ، علمًا أنَّها تَحتسِبُ عِدَّتَها: أربعةَ أَشْهُرٍ وعشرَ ليالٍ مِنْ يومِ وفاةِ زوجِها، وتُكمِلُ بقيَّةَ عِدَّتِها في بيت الزَّوجيَّة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢ ربيع الآخِر ١٤٤٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٥ أكتوبـر ٢٠٢٤م

(١) «المجموع» للنَّووي (٧/ ١٣٥)؛ وقال: «.. وعلى القديم: قد يموت وقد بقي وقتُ الإحرام، وقد يموت بعد خروج وقتِه، فإِنْ بَقِيَ أَحرمَ النَّائبُ بالحجِّ، ويقف بعَرَفةَ إِنْ لم يكن الميِّتُ وقَفَ، ولا يقف إِنْ كان وقَفَ، ويأتي بباقي الأعمال، فلا بأسَ بوقوعِ إحرام النَّائب داخِلَ الميقاتِ لأنَّه يَبنِي على إحرامٍ أُنشِئَ منه؛ وإِنْ لم يَبْقَ وقتُ الإحرام فبِمَ يُحرِمُ به النَّائب؟ وجهان: (أحَدُهما) وبه قال أبو إسحاقَ: يُحرِمُ بعُمرةٍ ثمَّ يطوف ويسعى فيُجزِئانِه عن طواف الحجِّ وسعيِه، ولا يبيت ولا يرمي لأنَّهما ليسا مِنَ العمرة، ولكِنْ يُجبَران بالدَّم، (وأصحُّهما) وبه قطَعَ الأكثرون تفريعًا على القديم: أنَّه يُحرِمُ بالحجِّ ويأتي ببقيَّةِ الأعمال، وإنَّما يُمنَع إنشاءُ الإحرام بعد أَشهُرِ الحجِّ إذا ابتدأه، وهذا ليس مُبتدَأً بل مبنيٌّ على إحرامٍ قد وقَعَ في أَشهُرِ الحجِّ، وعلى هذا إذا مات بين التَّحلُّلَيْن أَحرمَ إحرامًا لا يُحرِّمُ اللُّبْسَ والقَلَمَ، وإنَّما يُحرِّمُ النِّساءَ، كما لو بقي للميِّت هذا كُلُّه إذا مات قبل التَّحلُّلَيْن، فإِنْ مات بعدهما لم تَجُزِ النِّيابةُ بلا خلافٍ لأنَّه يمكن جبرُ الباقي بالدَّم».

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:22


جديد فتاوى

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:22


في حكمِ مَنْ ماتَ قبلَ طوافِ الإفاضةِ | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
https://ferkous.app/home/index.php?q=fatwa-1390

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:20


📜السؤال: شَيْخَنَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ، مَا نَصِيحَتُكُمْ لِلْإِخْوَةِ الَّذِينَ يُخَطِّئُونَ حَرَكَةَ حَمَاسٍ وَالْكَتَائِبَ الأُخْرَى الَّتِي تُقَاوِمُ ضِدَّ الصَّهَايِنَةِ وَيَقُولُونَ إِنَّ حَمَاسَ أَوِ الإِخْوَانَ أَخْطَرُ مِنَ الْيَهُودِ بِحُجَّةِ أَنَّ الْيَهُودَ عَدَاوَتُهُمْ ظَاهِرَةٌ أَمَّا الإِخْوَانُ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُونَ خُطُورَتَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، نَرْجُو مِنْكُمْ التَّوْضِيحَ.

🎙الشَّيْخُ أَبو عَبْدِ الْمُعِزّ مُحَمَّد عَلِيّ فَرْكُوسْ حَفِظَهُ اللهُ:

يَسْأَلُونَهُم هَلْ هَؤُلَاءِ مُسْلِمُونَ!!؟ حُكْمُهُمْ كَحُكْمِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْتَاجُونَ إِلَى تَصْوِيبٍ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ هَؤُلَاءِ. هَذِهِ أَرَاضِي الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا، لَيْسَتْ لِلْيَهُودِ وَلَا لِقُوَى الشَّرِّ الَّذِينَ نَمَتْ وَتَرَعْرَعَتْ بَيْنَهُمْ، الأَصْلُ أَنَّ هَذِهِ الأَرْضَ تَتَحَرَّرُ سَوَاءً بِأَيْدِي هَؤُلَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، المُهِمُّ أَنْ تَتَحَرَّرَ لِتَعُودَ إِلَى أَصْحَابِهَا.

مَثَلًا: مَنْ أُخِذَتْ أَرْضُهُ وَدَارُهُ وَلَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إِلَّا الْمَحَاكِمَ غَيْرَ الشَّرْعِيَّة، نَقُولُ: الْوَسِيلَةُ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ والنَّتِيجَةُ صَحِيحَةٌ، وَالطَّرِيقُ غَيْرُ صَحِيحٍ، هَذَا بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الْمُخَالَفَاتِ.

بِهَذَا [التَّفْكِيرِ] تَتْرُكُ الْمُسْتَعْمِرَ يَتَشَبَّثُ بِالأَرْضِ، نَقُولُ: هَذَا غَيْرُ سَلِيمٍ، وَالسُّؤَالُ: هَلِ الْوَضْعِيَّةُ صَحِيحَةٌ أَوْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟! يَعْنِي وَضْعِيَّةَ الْكِيَانِ الصَّهْيُونِيِّ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى الأَرْضِ؟! هَبْ أَنَّ مَا تَذْكُرُهُ صَحِيحٌ، هَلْ وَضْعِيَّتُهُ صَحِيحَةٌ؟

هَؤُلَاءِ أَرَادُوا إِزَالَتَهُ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا أَخْطَرَ لِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ، مُمْكِنٌ أَنَّهُمْ يَرَوْنَكَ بِمَذْهَبِهِمِ الشِّيعِيِّ كَذَا وَكَذَا... وَهَؤُلَاءِ مُتَوَاجِدُونَ فِي سُورِيَا! وَفِي لُبْنَانَ! وَالْبَحْرَيْنِ! وَقَطَرَ!، لِمَاذَا لَا يُعَامِلُونَهُمْ كَذَلِكَ؟ حَتَّى فِي السُّعُودِيَّةِ مَوْجُودُونَ!

نَنْظُرُ إِلَى أَحَقِّيَّةِ الأَرْضِ، مَثَلًا: بُلْدَانٌ غَيْرُ مُسْلِمَةٍ وَيَدُ الإِجْرَامِ أَرَادَتْ امْتِصَاصَ خَيْرَاتِهَا، يَقُولُ لَكَ: مَا مَوْقِفُكَ فِيهَا؟ تَقُولُ: الأَرْضُ لِأَصْحَابِهَا، سَوَاءً فِي أَفْرِيقِيَا أَوِ الصِّينِ أَوِ الْهِنْدِ أَوْ فِيَتْنَامَ، و فَرَنْسَا لَيْسَ لَهَا حَقٌّ، وأَنْتَ تَكُونُ مَعَ فَرَنْسَا أَوْ مَعَ صَاحِبِ الأَرْضِ؟ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ الِاتِّجَاهِ الْفِكْرِيِّ وَالدِّينِيِّ، صَاحِبُ الْحَقِّ صَاحِبُ حَقٍّ.

مِثَالٌ: مُسْلِمٌ دَخَلَ بَيْتَ كَافِرٍ، يَأْخُذُ لَهُ الأَمْوَالَ؟ الدَّاخِلُ سَارِقٌ مُسْلِمٌ وَالآخَرُ كَافِرٌ. تَأْتِي مَعَ الْمُحِقِّ أَوْ مَعَ الْمُبْطِلِ؟ تَأْتِي مَعَ الْمُحِقِّ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا، أَنْتَ مَعَ هَؤُلَاءِ ذِمِّيِّينَ، لَا تَسْرِقْهُمْ وَالدَّوْلَةُ وَفَّرَتْ لَهُمُ الأَمَانَ.

هَذَا تَفْكِيرٌ غَيْرُ سَلِيمٍ وَمَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ، وَالْمَوْضُوعُ لَيْسَ الأَشْخَاصَ [الَّذِينَ قَالُوا بِهِ]، الْمَوْضُوعُ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ غَيْرُ صَحِيحٍ.

السَّائِلُ: هُمْ يَقُولُونَ...

الشَّيْخُ: أَنَا أَقُولُ لَيْسَ هُمْ مَنْ يَقُولُ، جَعَلُ الْقَوَاعِدِ الأَمْرِيكِيَّةِ فِي الْكُوَيْتِ!! وَالْبُلْدَانَ لَا أَذْكُرُهَا!! الَّذِينَ جَعَلُوا قَوَاعِدَ كُفَّارٍ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكُفَّارُ يَتَحَكَّمُونَ فِي الْوَضْعِ؟!

📖المجلس: بعد صبح الأربعاء 13 ربيع الآخر 1446هـ الموافق لـ 16 أكتوبر 2024 م في مكتبة القبة الجزائر.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:19



الفتوى رقم: ٩٣٧
الصنـف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع
في حكم تهريب البضائع
السـؤال:
ما حكمُ تهريب السِّلَع عن الجمارك والضرائب والمشارَكةُ مع المهرِّبين أو الإرسالُ معهم، خاصَّةً مع تَفَشِّي البطالة، وعدَمِ توفُّرِ مَناصِبِ العمل؟ وهل تجوز التجارةُ فيها بعد دخولها أو خروجها مِن مَناطِقِ الحدود؟ أفيدونا ـ جزاكم اللهُ خيرًا ـ.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنَّ دولةَ بلدٍ إذ مَنَعَتْ إدخالَ الموادِّ المهرَّبةِ أو تهريبَها إلى بلدانٍ مُجاوِرةٍ تحقيقًا للمصلحة العامَّة للمسلمين فإنَّه لا يجوز مُخالَفةُ الحاكم بالإقدام على التهريب أو المُشارَكةُ مع المُمارِسين له، أو الإرسال معهم البضائعَ والسِّلَعَ؛ ذلك لأنَّ «تَصَرُّفَ الحَاكِمِ مَنُوطٌ بِالمَصْلَحَةِ» يقتضي عدَمَ مُخالَفته، خاصَّةً إذا كانَتِ الموادُّ المهرَّبة غيرَ مرخَّصٍ فيها تُلْحِق ضررًا مستَنْزِفًا لاقتصاد الأُمَّة مِن جهةٍ، فضلاً عن نوعِ ضرر الموادِّ المُسْتجلَبَةِ أو رداءة المنتوج المهرَّب، ونحوِ ذلك ممَّا يؤثِّر بطريقٍ أو بآخَرَ في المنتجات المحلِّية بشكلٍ يُسبِّب إخلالاً في مَناصِب العمل، وزعزعةً في العلاقات الاجتماعية.
وهذا كُلُّه إذا ما رُوعِيَتْ في الجانب الاقتصاديِّ مصلحةُ الأُمَّة، والمحافَظةُ على استقرارها بتنظيم طُرُق استيراد البضائع وتصديرها على وجهِ عدلٍ يخدم المسلمين، فإنَّ الواجب الطاعةُ في المعروف.
أمَّا إذا انتفَتْ دوافعُ تحقيق المصلحة العامَّة، وحلَّت مَحَلَّها دوافعُ المنعِ القائمةُ على تحقيق مَصالِحِ الأشخاص وأصحاب النفوذ في الاستحواذ على الأسواق، واحتكارِ المنتوجات، والاستبداد بالأسعار، والإضرار بالمُسْتهلِكِ، وخَلَتْ طُرُقُ الاستيراد والتصدير مِن أيِّ تنظيمٍ عادلٍ يخدم به مصلحةَ المسلمين، فإنَّ الأَوْلى تركُ التهريبِ والتجاوزِ مع المهرِّبين لِما فيها مِن تعريضٍ بالنفس للخطر والإذلال والإهانة والتحقير، وتعريضٍ بالأموال للتلف والمُصَادَرَة والضياع، والمعلومُ أنَّ المحافَظة على النفس والمال والعِرْض مِن مقاصد الشريعة التي أُمِرْنَا أَنْ نحافظ عليها.
هذا، وحكمُ التجارة بالسِّلَع المهرَّبة إذا كانَتْ غيرَ محرَّمةٍ في ذاتها، ولا تخدم الرذيلةَ، وليست مَحَلًّا لمُصادَرتها إذا ما وجدتها المصالحُ المعنيَّةُ في السوق فإنه لا بأس بالمُتاجَرة فيها بعد استقرارها في السوق المحلِّية، خاصَّةً مع التبرير السابق مِن إحداث عملٍ مُلِحٍّ وامتصاص حجم البطالة، فشأنُها في الحكم كشأن الموادِّ المُباحة التي دخلَتْ في عموم الأسواق والمحلَّات التجارية بالطُّرُق الملتوية والرشاوى.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٨ شعبان ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١٩ أوت ٢٠٠٨م

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:19


الفتوى رقم: ٦٩٨
الصنـف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع
في حكم شراء السلع المحجوزة بالمزاد العلني
السـؤال:
هل يجوز شراءُ السِّلعِ والحوائجِ التي تقوم المحكمةُ بحجزها ثمّ بيعِها بالمزاد العلني؟ وشكرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فإن كان ما تحجُزُه المحكمةُ من مُعدّاتِ المؤسّساتِ المُفْلِسَةِ المُثْقَلَةِ بالدُّيون قَصْدَ تسديدِ ديونِ الدائنينِ على الغارمين فالظاهرُ جوازُ شراءِ ما تُعدُّه للبيع بالمزاد العلنيِّ استبقاءً للحقوق وردًّا للمظالِمِ.
أمّا ما تحجُزُه الجماركُ من أموال الناسِ وسِلَعهم الذين لا يقتدرون على دفع الضرائب الجُمْرُكية المفروضة جبرًا، أو تلك السلع التي أباحها الشرعُ ومنعتها السلطاتُ بدعوى مصلحةِ البلاد والعبادِ فالظاهرُ أنه لا يجوز شراؤُها إلاّ إذا رضي أصحابُها أو دُفع لهم قيمة سلعتهم(١).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١١ جمادى الأولى ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٨ ماي ٢٠٠٧م
 
(١) ملاحظة: يمكن مراجعةُ حكم البيع بالمزاد العلني أو السري في فتوى موسومة ﺑ: «في حكم بيع السمك مزايدةً» برقم: ١٠٢.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:19


الفتوى رقم: ١٠٢
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع
في حكم بيع السمك مزايدةً
السؤال:
ما حكمُ بيعِ السمك بالمزايدة سرًّا، مع العلم أنَّ البائع يطلب الزيادةَ علانِيَةً؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمِنْ حيث حكمُ بيعِ المزايدة فإنَّ ما عليه جمهورُ أهلِ العلم جوازُه؛ خلافًا لمَنْ حَصَره في الغنائم والمواريث، وهو مذهبُ عطاءٍ ومجاهدٍ والأوزاعيِّ وإسحاق، وخلافًا ـ أيضًا ـ لمَنْ كَرِهه مطلقًا، وهو مذهبُ إبراهيم النَّخَعيِّ.
ويظهر أنَّ منشأ الخلاف ـ في هذه المسألة ـ يعود إلى النهي الوارد عن سَوْمِ الرجل على سومِ أخيه(١): هل يُحْمَلُ على جميع الأحوال أو على حالةٍ دون حالةٍ؟ على ما أفاده ابنُ رشدٍ ـ رحمه الله ـ(٢).
هذا، وبالنظر إلى أنَّ الأحاديث المُجيزةَ لبيع المزايدةِ والمانعةَ لها لا تصلحان للاحتجاج مِنْ حيث ضعفُ سندِها ـ مِنْ جهةٍ ـ وتَقابُلِها المُفضي إلى تساقُطِها ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ فإنَّ الرأي المختارَ في ذلك هو مذهبُ الجمهور في جوازِ بيع المزايدة؛ لأنَّ صورتها غيرُ مشمولةٍ بالنهي عن سَوْم الرجل على سَوْمِ أخيه؛ للفرق بينهما مِنْ ناحيةِ أنَّ بيع المُستامِ المنهيَّ عنه إنَّما يتفرَّد بعد التراضي الأوَّليِّ على الثمن وركونِ البائع إلى المشتري، أمَّا بيع المزايدة فهو دعوةٌ إلى التعاقد، وليس ثمَّةَ تراضٍ على الثمن ولا ركونُ البائع إلى المشتري؛ فافترقا.
ولو سلَّمْنا شموليةَ النهي عن بيع المُستام لبيع المزايدة فإنَّ صورةَ بيعِ المزايدة تخرج عن عموم النهي؛ للإجماع الذي نَقَله ابنُ قدامة ـ رحمه الله ـ بقوله: «وهذا ـ أيضًا ـ إجماعُ المسلمين، يبيعون في أسواقهم بالمزايدة»(٣)، وقد أخرج ابنُ أبي شيبة ـ بسنده ـ إلى عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه أنَّه «بَاعَ إِبِلًا مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فِيمَنْ يَزِيدُ»(٤)، واشتهر ولم يُنْقَلْ له مُخالِفٌ ولا مُنْكِرٌ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم؛ فكان ذلك حجَّةً وإجماعًا منهم على تسويغه، كما أنَّ الحكمة تقتضيهِ؛ لأنَّ في تركه إلحاقَ ضررٍ بالباعة، وخاصَّةً للمحتاجين الذين كَسَدَتْ تجارتُهم فلا يملكون وسيلةً للوصول إلى تغطيةِ مُتطلَّباتهم المعيشية إلَّا بمثلِ هذه الطُّرُق؛ فالحاجةُ داعيةٌ وماسَّةٌ إليه.
هذا، والمزايدة السرِّيَّة كالعلنيَّة، سواءٌ كان السرُّ عن طريق الهمس في الأُذُن أو عن طريقِ عَرْضٍ مكتوبٍ ومُغْلَقٍ في رسائلَ ومظاريفَ موجَّهةٍ إلى البائع لفتحِها في يومٍ محدَّدٍ؛ فإنَّ حُكْمَها لا يخرج عن حكم عقدِ بيع المزايدة، وهي لا تتنافى ونصوصَ الشرع في عمومها، بل الشريعةُ تُراعِي أعرافَ الناسِ وتُقرِّر مبدأَ: «المَعْرُوفُ عُرْفًا كَالمَشْرُوطِ شَرْطًا».
وجديرٌ بالتنبيه والبيان: أنَّه يُشترَط في بيع المزايدة شروطٌ على ما هو جارٍ في سائر العقود، غيرَ أنَّه يُشترَطُ في بيع المزايدة ـ على وجه التأكيد والوضوح ـ:
ـ التعريف بالسلعة المرادِ بيعُها تعريفًا تامًّا وصادقًا للابتعاد عن التغرير والتدليس.
ـ كما يُشترَط خُلُوُّ البيع مِنَ النَّجَش(٥).
ـ كما يُشترَط خُلُوُّه مِنَ الصورة العكسية للنَّجَش(٦).
وعليه، فإنَّ الإخلال بمثلِ هذه الشروطِ يجعل عقدَ بيعِ المزايدة غيرَ جائزٍ شرعًا؛ لِمَا فيه مِنِ انتفاءِ حكمة التشريع في دفع المفاسد وجلبِ المصالح. 
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٣ شوَّال ١٤١٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١٠ فيفري ١٩٩٩م
 
(١) انظر الحديثَ المُتَّفَقَ عليه الذي أخرجه البخاريُّ في «الشروط» باب الشروط في الطلاق (٢٧٢٧)، ومسلمٌ في «البيوع» (١٥١٥)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) انظر: «بداية المجتهد» لابن رشد (٢/ ١٦٥).
(٣) «المغني» لابن قدامة (٤/ ٢٣٦).
(٤) أخرجه ابنُ أبي شيبة في «مصنَّفه» (٢٠٢٠١، ٣٢٩٦٧).
(٥) وهو تَواطُؤُ البائعِ مع غيره قَصْدَ الزيادةِ في ثمن السلعة لنفعِ البائع وإضرارِ المشتري.
(٦) وهو تَواطُؤُ المشتري مع المُنافِسين معه قَصْدَ إرساءِ المَزاد على سعرٍ قليلٍ.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:12


📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (السبت ٠٨ ربيع الثاني ١٤٤٦ هـ)

كيف الردّ على من قال أن أحاديث الآحاد تفيد الظن؟! ..

"أولا العلماء اختلفوا في خبر الآحاد سواء مشهور، أو عزيز، أو غريب، أو كانت غرابته مطلقة أو نسبية؛ هل يفيد الظن أو العلم؟!

قول أنه يفيد العلم، وقول آخر أنه يفيد الظن، وقول ثالث أنه يفيد العلم إذا احتفّ بقرائن، وإلا فإنه يفيد الظن، وهذا الذي رجّحه ابن قدامة وغيره من الأصوليين، وذهبوا إلى هذا.

بمعنى أن خبر الواحد إذا جاءنا مثلا في رواية البخاري، أو مسلم، أو كان متفقا عليه .. إذا احتفّ بمثل هذه القرائن أفاد العلم، وإلا فلا يفيد علما إنّما ظنا.
إذا جاءت قرائن أخرى في المعنى -ليست سندية- يمكن أن يرتقي إلى تواتر معنوي؛ كما في اللّفظ تواتر لفظي.

عند أهل السنة والجماعة أن حديث الآحاد يعمل به في الأحكام، والفضائل، والترغيب والترهيب، والعقيدة، لا محيد عن هذا؛ شرط توفّر فيه شروط الصحة لذاته؛ أو لغيره، أو يكون حسنا لذاته؛ أو لغيره ..

كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي جاء صحيحا أولى من كلام الرجال، ولا يجوز ردّه إلا إذا كان ضعيفا، وأنواع الضعف كثيرة ..
والضعيف في ذاته وإن كان هناك خلاف فيه؛ لا يعمل به في الأحكام، لكن نُقل عن أحمد وابن حزم أنه أفضل من آراء الرجال، لأن الضعف غير متيّقن فيه، فالراوي قد ينسى، أو يخطئ، ويمكن أن يكون راويا ثقة ويحتمل الخطأ، وربما في باب اتصال السند، أو العدالة، وغيرها .. لا ندخل في هذه التفاصيل.

الحديث الصحيح يعمل به؛ سواء أفاد الظن أو العلم، احتفّ بالقرائن أو لا، في العقائد، والأحكام، والترغيب والترهيب .. مادام صح الحديث فهو مذهبي؛ كما قال الشافعي وغيره، فيعمل به في كل الأمور.

قالوا مثلا لو كان القاضي يحكم بأن الخبر يفيد العلم ما احتاج شهودا .. وأدلة جمهور الأصوليين كثيرة في هذا الباب ..

نحن نقول أن القول بأن خبر الواحد يفيد العلم -إذا احتفّ بالقرائن- هو الراجح، قاله ابن القيم وغيره، وجاء الردّ في الفتح الرباني على من قال أننا قلنا أنه يفيد الظن، ومن حيث العمل نعمل به في كل الأمور، خلافا للمعتزلة وبنتها الأشعرية، حيث يذهبان إلى عدم العمل بخبر الواحد في العقائد، لذا أنكروا عذاب القبر، وغيره .. والله المستعان.

إذا كان شيخك منتهجا منهج الأشاعرة، أو وقع في الاعتزال بطريق أو بآخر، علم أو لم يعلم .. الإنكار والتدخّل في مناقشته لا يسلم لك، فيجب أن تدخل بزاد.
ترجع إلى أدلة هؤلاء، وأدلة هؤلاء، وربما ترجع إلى مقالة الألباني في هذا، وكذا المعلمي اليماني صال وجال في مسألة خبر الواحد، ومع ذلك لم يَعُد هؤلاء ..

ممكن أنت ترى هذا -رسالة الألباني في خبر الواحد- وتقول هاك الرسالة تقرؤها .. إن دخلت في نقاش معه ربما يغلبك، ويدور يمينا وشمالا .. وهو في موضع قوة.

أرى أن تعطيه رسالة صغيرة -خبر الواحد- وأنه يُستدل به في العقائد والأحكام، ولقد ذكروا الأدلة، وردّوا على هذا، ومنه كتاب التنكيل للمعلمي اليماني، ردّوا على القائلين بعدم جواز الاستدلال بخبر الواحد في العقائد، تمنحه إياها، يقرؤها لعل الله ينير قلبه .."

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:12


الفتوى رقم: ٣٧٢
الصنف: فتاوى الحدود والدِّيَات - الدِّيَات
في حكمِ ضمانِ المشتركين في قتلِ الخطإ
السؤال:
كان شخصٌ يقود سيَّارةً في الطريق السريع، وفجأةً قَطَعَ الطريقَ رجلٌ فدَعَسَتْهُ السيَّارةُ، ولمَّا توقَّف السائقُ لنجدة المُصاب صَدَمَتْه ـ أي: المُصابَ ـ سيَّارةٌ ثانيةٌ ليَلْقَى حَتْفَه على الفور، لكنَّ السائق الثانيَ فرَّ ولم يتوقَّفْ، فما هو الحكمُ الشرعيُّ فيما يتعلَّق بموضوع الدِّيَةِ والكفَّارة بالنسبة للسائق الأوَّل، علمًا أنه لا يدري متى وقَعَتِ الوفاةُ: أبَعْدَ الصدمةِ الأولى أم الثانية؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فاعْلَمْ أنَّ سائق السيَّارة الأولى إذا باشَرَ قَتْلَ المجنيِّ عليه خطأً فمات قبل أَنْ تَدْعسه السيَّارةُ الثانيةُ فإنه لا تترتَّب مسؤوليةُ قتل الخطإ على السائق الثاني؛ لعدمِ مصادفته للمحلِّ بعد وفاة المجنيِّ عليه، وإنما تترتَّب المسؤوليةُ كاملةً على السائق الأوَّل المُباشِر لقتلِه.
أمَّا إذا اشتركا في قتل المجنيِّ عليه خطأً بحيث لا يُعْلَم: أيُّ السيَّارتين باشَرَتْ قَتْلَه؛ فإنَّ المسؤولية ـ والحالُ هذه ـ تترتَّب عليهما معًا؛ لأنَّ كلتا السيارتين باشرَتْ قَتْلَه خطأً، والأصلُ المقرَّر أنَّ «المُبَاشِرَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا» تَعدَّى أو لم يَتَعَدَّ؛ ذلك لأنَّ الخطأَ يرفع إِثْمَ قتلِ معصومِ الدم لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»(١)، ولكنَّه لا يرفع عنه ضمانَ القتل لكونه متعدِّيًا نَتَجَ ـ عن تعدِّيهِ ـ الضررُ الحاصل لغيره؛ لذلك لا يصلح عدَمُ تعمُّدِ القتلِ عذرًا مُسْقِطًا للحكم، بل تكفي المُباشَرةُ علَّةً مُوجِبةً للضمان عن المُباشِرِ المتعدِّي.
وبناءً عليه يجب على كِلَا السائقين:
١ ـ الكفَّارة ووجوبُها بقوله تعالى: ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَ‍ٔٗا فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ وَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْۚ فَإِن كَانَ مِن قَوۡمٍ عَدُوّٖ لَّكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا ٩٢﴾ [النساء]، أي: أنَّ حقَّ الله تعالى يتجلَّى في عتقِ رقبةٍ مؤمنةٍ، فإِنْ لم يجد فصيامُ شهرين مُتتابِعين.
٢ ـ وأمَّا الدِّيَةُ وهي مائةٌ مِنَ الإبل أو قيمتُها حَسَبَ ما تساوي في كُلِّ عصرٍ بحَسَبِه، فهُمَا مُشترِكان فيها ولا تجب في مال القاتل وإنما تجب على عاقلته، قال ابنُ المنذر ـ رحمه الله ـ: «أَجْمَعَ كُلُّ مَن نحفظ عنه مِنْ أهل العلم أنَّ دِيَةَ الخطإ تحمله العاقلةُ»(٢)، فإِنْ لم تكن له عاقلةٌ فمِنْ بيت المال إِنْ كان مُنتظِمًا بإمامٍ عادلٍ، فإِنْ لم ينتظم أو عُدِم فالدِّيَةُ في مال الجاني، فإِنِ اكتفى أولياءُ الدم بما تُعطيهِ شركةُ التأمين مِنْ مالٍ تعويضًا عن الخطإ فإنَّ الجانيَ تَبْرَأ ذِمَّتُه منها حالتَئذٍ.
هذا، وإذا تَنازَلَ أولياءُ وَرَثةِ المقتول ممَّا أَوجبَ اللهُ لهم مِنَ الدِّيَة على القاتل أو عاقلته فإنه تَبْرَأُ ذِمَّتُه ـ أيضًا ـ بإسقاطهم عنه كُلَّ الدِّيَةِ أو جزءًا منها لقوله تعالى : ﴿إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْ﴾ [النساء: ٩٢].
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٨ ذي القعدة ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٥م
 
(١) أخرجه ابنُ ماجه في «الطلاق» بابُ طلاقِ المُكْرَه والناسي (٢٠٤٥) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (١٨٣٦).
(٢) «الإجماع» لابن المنذر (١٤١).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:12


الفتوى رقم: ١٢٩٣
الصنف: فتاوى الحدود والدِّيَات ـ الدِّيَات
في ضمان المُتسبِّب في قتل الخطإ بالقارب
السؤال:
أنا أعمل رُبَّانَ قاربٍ في حرَسِ السَّواحل، وكثيرًا ما نتدخَّل لإيقاف الشباب الذين يهربون إلى بلاد الكفر على متن الزوارق؛ وفي إحدى التَّدخُّلات لإيقافِ بعض الشَّبَبَة، وبعدما تمَّ نُصحُهم مرَّتين ومطالبتُهم بتسليمِ أنفُسِهم، رفضوا ذلك وحاولوا الهروبَ؛ فاضطُرِرْنا إلى المطاردة التي قُمْتُ خلالَها بتَجاوُزِ الزورق؛ الشيءُ الذي أدَّى إلى تَشَكُّل أمواجٍ انقلب الزورقُ بسببها؛ لكون القارب الذي أقوده أكبرَ بكثيرٍ مِنَ الزورق، ثمَّ قُمْنَا بإسعاف الشباب الذين كانوا على بُعدِ أمتارٍ فقط مِنَ القارب، غير أنَّهم أخبرونا ـ بعد صعودهم إلى القارب ـ أنَّه كان معهم شابَّان لا يُتقِنان السِّباحةَ وقد غَرِقَا، فبحَثْنا عنهما ولكِنْ دون جدوَى؛ شيخَنا: هل يترتَّب عليَّ ضمانُ هاتين النفسين؟ مع العلم أنَّ هذا التجاوزَ ـ في الغالب ـ لا يكون خطيرًا، ولكنَّني كنتُ أَعلمُ أنَّ الزورق سينقلب، كما أنَّ مصلحةَ حرَسِ السواحل التي أعمل فيها لا تضمن هذه الحوادثَ، بل تُجرِّم الفارِّين بهذه الكيفيَّة؛ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالظاهر أنَّ صاحِبَ القاربِ مُتسبِّبٌ في قتلِ الخطإ، بِغضِّ النَّظر عن الإثم الذي هو مَنوطٌ بالتَّعمُّد حقيقةً، فإِنْ وُجِد التَّعمُّدُ وُجِدَ الإثمُ وإلَّا فلا؛ والمُتسبِّبُ إنَّما يضمنُ بالتَّعدِّي بخلاف المُباشرِ فإنَّه يضمنُ في كُلِّ الأحوالِ.
هذا، ولو أنَّ سائقَ قاربِ حرَسِ السَّواحل اكتفى بالمطاردةِ فقط دون التَّجاوزِ لَمَا اعتُبِر متعدِّيًا، ولا ضمانَ عليه جريًا على قاعدةِ: «الجوازُ يُنافي الضَّمانَ»، لأنَّ الاعتداء لا يتحقَّقُ مع الجوازِ الشَّرعيِّ، فحيثما وُجِد الجوازُ انتفى الاعتداءُ، فانتفى الضَّمانُ لانتفائه.
ولكنَّه لمَّا تجاوزَ الزَّورقَ وأَحدثَ تلك الأمواجَ التي كانت سببًا لانقلاب الزَّورقِ وموتِ الشَّابَّين بالنَّظر إلى الفرق الشَّاسع بين حجم المركبتين، كان السَّائق مُتعدِّيًا ولَزِمه الضَّمانُ وهو: صيامُ شهرين متتابعين عن كُلِّ نفسٍ أُزهِقَتْ حقًّا لله، والدِّيَةُ لحقِّ العبد.
وأمَّا الدِّيَة فهي ـ في الأصل ـ تجب على مؤسَّسةِ حراسة السَّواحل، فإِنْ كانت هذه الأخيرةُ لا تضمن مِثلَ هذه الحوادثِ لأنَّه يُعَدُّ ـ عندهم ـ سفرًا غيرَ قانونيٍّ، فإنَّ حقَّ الرَّجُلين المَقتولَين خطأً لا يسقط بل يبقى قائمًا، ويدفعه السَّائقُ بنفسِه، بحَسَبِ قُدرتهِ المَاليَّة على ما يَصطلِحُ عليه مع أولياءِ كُلٍّ منهما ـ وهم ورثَتُه ـ فإِنْ عَفَا أولياءُ أحَدِهما أو كِلَيْهما عن الدِّيَةِ سَقطَتْ عنه، أو عن جُزءٍ منها بَرِئت ذِمَّتُه بدفعِ ما يتبقَّى منها يُؤدِّيها إليهم دُفعةً أو مُقسَّطةً ـ  بحَسَبِ حالِه ـ بغير مُماطلةٍ ولا بَخسٍ، ولا إساءةٍ فعليَّةٍ أو قوليَّةٍ، وذلك مِنْ بابِ الإحسانِ: فهل جزاءُ الإحسانِ إليه بالعفوِ عن الدِّيةِ كُلِّيًّا أو جزئيًّا، إلَّا الإحسانُ إليهم بحُسنِ القضاءِ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٥ جمادى الأولى ١٤٤٣هـ

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:12


الفتوى رقم: ٢٢٢
الصنف: فتاوى الحدود والديات - الديات
في ضمانِ دِيَةَ طفلةٍ سقطَتْ مِنْ بنيانٍ
السؤال:
سقطَتْ طفلةٌ صغيرةٌ تبلغ مِنَ العمر أربعَ سنواتٍ مِنْ بنيانٍ جديدٍ فماتَتْ، وكانت أمُّها ـ في ذلك الوقت ـ في غرفةٍ مِنْ ذلك البنيان، فهل على أمِّها شيءٌ؟ علمًا بأنَّ هذه الطفلةَ قد سقطَتْ قبل هذه المرَّةِ مِنْ ذلك المكان. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالظاهر أنَّ المتسبِّب ـ في تقديري ـ في هذه الحادثةِ هو صاحِبُ البنيان الجديد إذا تمَّ تسليمُ البنيان لصاحِبِه أو مالكِه الذي فرَّط في إحاطته بسياجٍ يَقِي الطفلةَ مِنَ السقوط؛ فكان ـ عندئذٍ ـ متعدِّيًا بإهماله في اتِّخاذ الحيطة، والمتسبِّبُ لضررِ غيره يَلْزَمه الضمانُ بالتعدِّي والتفريط، ولا يُنْظَر إلى التعمُّد والقصد لأنَّ حقوق الناس مضمونةٌ شرعًا في حالتَيِ العمد والخطإ، وسواءٌ كان صاحبُ الملكية هو أبا الطفلة الميِّتة أو أمَّها أو غيرهما؛ عملًا بقاعدةِ: «المُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي»(١)؛ ذلك لأنَّ إتلاف المتسبِّب كإتلاف المُباشِر في أصل الضمان.
أمَّا إذا لم يتمَّ تسليمُ البنيان الجديد، وكان تحت حيازة المُقاوِل البنَّاء فإنَّ الضمان عليه لا على صاحب المِلْكية؛ لكونها تحت حيازته إذ إنَّما «يُضافُ الفعلُ إلى الفاعل لا الآمرِ ما لم يكن مُجْبَرًا»(٢)، والفاعل هو المُقاوِل فهو مسؤولٌ ضامنٌ، كما تتقرَّر مسؤوليةُ الفاعل إذا كان هو المالكَ، وفي ذات الوقت هو البنَّاء.
هذا، ويترتَّب على القول بالضمان دِيَةُ الخطإ حقًّا للآدميِّ وصيامُ شهرين مُتتابِعين حقًّا لله تعالى؛ نظرًا لعدمِ وجودِ ـ في وقتنا الحالي ـ رقبةٍ مؤمنةٍ سالمةٍ مِنَ العيوب يُعتِقها.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
 
(١) انظر: «الفروق» للقرافي (٢/ ٢٠٦) (٣-٤/ ٢٧)، «المغني» لابن قدامة (١٢/ ٨٨)، «مجلَّة الأحكام» وشروحها، مادَّة (٩٣)، «المدخل الفقهي» للكردي (١١٢).
(٢) «مجلَّة الأحكام» وشروحها، مادَّة (٨٩).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:12


جديد مجالس الشيخ فركوس حفظه الله تعالى

لقد سئل فضيلة الشيخ فركوس قبل قليل سؤالا عن سائق شاحنة رمي نفايات تسبب في قتل عامل معه كان يشد في سلمها من الخلف عند رجوعه بالشاحنة إلى الوراء فكان مما أجاب به حفظه اللّه:

من يقود سيارة هو مسؤول عن كل ركابها سواء كانوا من الأمام أو من الخلف .. فإذا حدث بسبب سياقته أمر من الأمور كسر أو بتر أو... فهو المسؤول المباشر.

إذا توفي ترتب على هذا حق الله وحق العبد.. فحقّ اللّه يتمثل في صيام شهرين متتابعين مادام لا توجد رقبة يعتقها.. ومادام أنه يستطيع صوم رمضان فإنه يصوم شهرين من غير انقطاع إلا إذا جاءه مرض .. فإنه يبني عليه.. وكذلك إذا كان مسافرا وشق عليه السفر فإنه يبني..
أيضا يختار شهرين لصيامه أين لا يعارضه ما يوجب الافطار بالاعياد لا يصطدم مع الأعياد.. هذا كما قلت بالنسبة لحق الله.

حق العبد يتمثل في ديته.. لأنه كان مباشرا في اسقاطه ثم موته.. و الدية تقدر بمائة من الابل.. لكن إذا تكفل الضمان بالدفاع نيابة عنه تذهب إلى اولياءه ورضي القوم ما يعطيه أيضا التأمين، تأمين الشاحنة وتفاهموا فلا بأس.. لأنه يجوز للأولياء أن يتنازلوا وعلى كافة الدية ويجوز أن يصطلحوا على ثمن معين.. ويجوز لهم طلبها كاملة وتقدر بالابل كما ذكرت.

صبيحة يوم الأربعاء 26 ربيع الأول 1445

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:12


الفتوى رقم: ١٣٨٩
الصنف: فتاوى الحجِّ والعُمرة ـ الطَّواف والسَّعي
في حكمِ تبديلِ نيَّة طوافِ التَّطوعِ إلى طوافِ الوداعِ في الحجِّ
السؤال:
طاف أحدُ الحُجَّاجِ طوافَ نافلةٍ، ثمَّ ظهَرَ له ـ لأسبابٍ صِحِّيَّةٍ ـ أَنْ يُعجِّلَ سفرَه في الحالِ، فهل يُجزِئُه تبديلُ نيَّةِ طوافِ التَّطوُّعِ إلى طوافِ الوداعِ أم لا؟ أفيدونا رَحِمَكمُ اللهُ.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا طافَ الحاجُّ طوافَ النَّافلةِ، ثمَّ تَبيَّن له ـ لسببٍ أو لآخَرَ ـ ضرورةُ تعجيلِ سفرِهِ، فإمَّا أَنْ يكونَ أجلُ سفرِه بعيدًا بحيث يسمحُ له الوقتُ لأداءِ طوافِ الوداعِ، فإنَّ الأَوْلى أَنْ يُتِمَّ طوافَ التَّطوُّعِ إِنْ كان قادرًا لقوله تعالى: ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ ٣٣﴾ [محمَّد]، ثمَّ يُؤدِّي بعدَهُ طوافَ الوداعَ، ليحصلَ على أجرِ العبادتَيْنِ.
وإمَّا أَنْ يكونَ سفرُه في الحالِ بحيث لا يسمحُ له الوقتُ لأداءِ طوافِ الوداعِ، فله ـ والحالُ هذه ـ أَنْ يكتفيَ بالأشواطِ الَّتي أدَّاها تطوُّعًا سواءٌ كانت واحدًا أو أكثرَ(١)، ثمَّ يَشرعُ استئنافًا في طوافِ الوداعِ، وهذا أحبُّ إليَّ مِنِ احتسابِ أشواطِ التَّطوُّع وإدخالِهَا في طوافِ الوداعِ وبناءِ ما بقيَ عليها؛ وتقريرُ ذلك: للخروجِ مِنَ الاختلافِ في مسألةِ تبديلِ نيَّةِ طوافِ التَّطوُّعِ إلى نيَّةِ طوافِ الوداعِ الواجبِ مِنْ جهةٍ، والخروجِ ـ أيضًا ـ  مِنَ الاختلاف في مسألةِ الجمعِ بين عِبادتَيْن أو قُربتَيْنِ بعملٍ واحدٍ مِنْ جهةٍ أخرى.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٢ ربيع الآخِر ١٤٤٦ﻫ
الموافـق ﻟ: ٠٥ أكتوبـر ٢٠٢٤م


(١) انظر الفتوى رقم: (١٣٢٩) الموسومة ﺑ: «في حكمِ الاقتصار على أقلَّ مِنْ سبعةِ أشواطٍ في طوافِ التَّطوُّعِ» على موقعي الرَّسميِّ.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:12


جديد فتاوى الشيخ فركوس حفظه الله

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:12


في حكمِ تبديلِ نيَّة طوافِ التَّطوعِ إلى طوافِ الوداعِ في الحجِّ | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
https://ferkous.app/home/index.php?q=fatwa-1389

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:10


الفتوى رقم:٤٣١
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف
في حكم قرضٍ جرَّ منفعةَ سكنٍ ووجه تغيير العقد فيه
السؤال:
اشترى أخٌ قطعةَ أرضٍ بمبلغٍ كبيرٍ، وطَلَبَ منِّي أَنْ أُشارِكه في شراء هذه الأرض، ووَعَدَني أَنْ يشتريَ لي شقَّةً للسكن، وقد أخبرني بعضُ الإخوة أنَّ هذا الصنيع ربًا لأنَّه قرضٌ جرَّ منفعةً، فهل هذا صحيحٌ؟ وهل نستطيع أن نغيِّر العقدَ إلى مُضارَبةٍ؟
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإنَّ المال المعطى على وجه القرض إِنْ كان مشروطًا ابتداءً بمسكنٍ ـ أي: في أوَّل القرض ـ فإنَّ العقد يُعَدُّ باطلاً لربوية المسكن فيه، وهي منفعةٌ محرَّمةٌ شرعًا لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٨ ـ ٢٧٩]، وغيرها مِن الآيات والأحاديث المحرِّمة لهذا الربا المتَّفق عليه، وهو ربا الديون المتعلِّق بالذمَّة وقاعدته: «أَنْظِرْنِي أَزِدْكَ»، أي: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً مُشْتَرَطَةً فِي بِدَايَةِ العَقْدِ فَهُوَ رِبًا»؛ بخلافِ ما إذا أقرضه مِن غيرِ شرطٍ ثمَّ طابَتْ نفسُ أخيه فأعطاه منفعةً أو فائدةً على إحسانه له فذلك جائزٌ بل مُسْتحبٌّ، لأنَّه مِن القضاء بالأحسن لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم«إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً»(١)، وإذا أراد المقترض أن يغيِّر صفتَه إلى مُضارِبٍ فإنه لا يستطيع إلاَّ بعد رجوع المُتعاقِدَيْن إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد بحيث يأخذ المُقْرِضُ أموالَه المقترَضةَ، فإِنْ أراد أن يُساهِمَ مع أخيه مُضارَبةً أو شركةً فيجوز له ذلك مع الاتِّفاق على كافَّةِ الشروط التي تُمْلِيها أحكامُ الشركة.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٤ ربيع الثاني ١٢٤٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢١ ماي ٢٠٠٦م
(١) أخرجه البخاري في «الوكالة» باب: وكالةُ الشاهد والغائب جائزةٌ (٢٣٠٥)، ومسلم في «المساقاة» (١٦٠١)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:10


الفتوى رقم: ٢٣٥
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف
في حكمِ مَن تاب بعد قرضٍ ربويٍّ لم يُرْجِعْه كاملًا
السؤال:
اقترَضْتُ مَبْلغًا مِن البنك ـ مُضْطَرًّا ـ مِن أجلِ شراءِ مَسْكَنٍ يُؤْويني وعائلتي، واليومَ ـ والحمد لله ـ عَرَفْتُ الحكمَ الشرعيَّ، وأُريدُ أَنْ أتوب، فما عَسَاني أَنْ أفعل علمًا أنَّني لم أُتْمِمْ بعدُ إرجاعَ القرض كاملًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالأصل في القرض الربويِّ التحريمُ والبطلان لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُم مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٨ ـ ٢٧٩]، كما أنَّ الأصل أنه لا يَسَعُ المسلمَ أَنْ يجهل ما هو ضروريٌّ مِن أمورِ دينِه ودُنْياهُ؛ لوجوب طلبِ العلم الشرعيِّ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»(١)، ولا يجوز الجهلُ بما هو معلومٌ مِن الدين ضرورةً أو كان مُشْتَهرًا، ولأجلِ هذا وَضَعَ عُلَماءُ القواعدِ قاعدةً مُقْتضاها: «لاَ يُقْبَلُ فِي دَارِ الإِسْلَامِ عُذْرُ الجَهْلِ بِالحُكْمِ الشَّرْعِيِّ»؛ وعليه لمَّا غابَتِ السلطةُ الشرعية في ترتيبِ الأحكام المتعلِّقة بالعقود مِن حيث بطلانُها وإعادةُ المتعاقدَيْنِ إلى ما كانا عليه قبل التعاقد، ولأنَّ التصرُّف الربويَّ الذي قام به ـ والمُخالِفَ لحكمِ الله سبحانه وتعالى ـ لا يستطيع العودةَ فيه إلى ما كان عليه قبل التعاقد، فلمَّا تعذَّرَتْ كُلُّ الأحوال صُحِّحَ له العقدُ ضرورةً لا دينًا، وأتمَّ ردَّ ما أوجبه عليه البنكُ مِن غيرِ أَنْ يكون باغيًا ولا عاديًا.
أمَّا التذرُّعُ بالاقتراض مِن أجل الضرورة فإنَّ الضرورة هي: أَنْ يبلغ فيها المرءُ درجةً يُوشِكُ على الهلاك أو يَقْرُبُ منه، بمَعْنَى أَنْ يكون اقترافُه للمعصية أَهْوَنَ مِن تَرْكِها، ومِثْلُ هذه المسائلِ مِن حيث العلمُ بها موكولةٌ إلى دِينِ المرءِ في تقديرها وتقديرِ حجمها، فإِنْ كانَتْ حقيقةُ ما يذكره السائلُ أنه وَقَعَ في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ يُوشِكُ معها على الهلاك في دِينِه أو في مالِه أو في عِرْضِه جاز ذلك ولكِنْ بقَدْرِها؛ ولهذا وَضَعَ العلماءُ قاعدةً مُقْتضاها: «إِذَا ضَاقَ الأَمْرُ اتَّسَعَ، وَإِذَا اتَّسَعَ ضَاقَ»، وقاعدةً أخرى: «الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ المَحْظُورَاتِ وَلَكِنْ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا»(٢).
ثمَّ اعْلَمْ أنَّ التوبة يجب أَنْ تكون نصوحةً، وذلك بالتخلِّي عن هذه المعصيةِ وعن سائرِ المعاصي الأخرى، على أَنْ يعزم أَنْ لا يعود إليها، وأَنْ يَسْتَتْبِعها بالعمل الصالح؛ لقوله سبحانه وتعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: ٧٠]، ومَن كان صادقًا في توبته عنها يهدي اللهُ له أسبابَ الفوزِ والنجاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٣١].
والعلم عند الله، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٩ جمادى الأولى ١٤٢٦ﻫ
المـوافـق ﻟ: ٠٦ جويـليـة ٢٠٠٥م
 
(١) أخرجه ابنُ ماجه في «المقدِّمة» باب فضل العلماء والحثِّ على طلب العلم (٢٢٤) من حديث أنسٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٣٩١٤).
(٢) انظر الفتوى رقم: (٦٤٣) الموسومة ﺑ: «في ضوابط قاعدة «الضّرورات تبيح المحظورات»».

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:10


الفتوى رقم: ٩٢
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف
في حكم القرض المشروط
السؤال:
رجلٌ اقترض مِنْ آخَرَ مبلغًا ليَستثمِرَه في تجارةٍ، وشَرَطَ على نفسِه أَنْ يُعْطِيَ الْمُقْرِضَ نسبةً مِنَ الربحِ، فهل هذا جائزٌ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا أُبْرِمَ الاتِّفاقُ بينهما ابتداءً على أَنْ يُعطِيَه منفعةً أو ربحًا فهو ربًا محرَّمٌ شرعًا؛ لأنَّ المنفعةَ مشروطةٌ مِنَ المُقْرِضِ أو في حكمِ المشروطة، وهذا ما يُعْرَفُ برِبَا الديونِ المتعلِّقِ بالذِّمَمِ المتمثِّلِ في قاعدةِ: «أَنْظِرْنِي أَزِدْكَ»، فتحريمُه تحريمُ مقاصدَ كما قرَّره ابنُ القيِّمِ ـ رحمه الله ـ. وكُلُّ الآياتِ القرآنيةِ الواردةِ في تحريمِ الرِّبَا إنما نزلَتْ في هذه الصورةِ مِنْ صُوَرِ الرِّبا المحرَّم، أمَّا إذا لم يَشترِطْ المُقرِضُ عليه ربحًا أو منفعةً فعند حلولِ وقت الوفاء بالدَّيْن، وأراد المقترِضُ مِنْ طِيبِ نفسِه أَنْ يُجازِيَه على معروفِه ويقضِيَ دَيْنَه بالإحسان؛ فإنَّ ذلك جائزٌ ويُعَدُّ تبرُّعًا مِنَ المستقرِضِ، سواءٌ كان في الصفةِ أو المقدارِ أو العددِ، ويدلُّ عليه ما رواه مسلمٌ مِنْ حديثِ أبي رافعٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ، فَقَالَ: «لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا»، فَقَالَ: «أَعْطِهِ إِيَّاهُ؛ إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً»» (١)، وفي روايةِ البخاريِّ ومسلمٍ مِنْ حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: «كَانَ لِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي»(٢)، وفي الحديثِ: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ»(٣).
أمَّا حديثُ: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا»(٤) وإنْ كان ساقِطَ الإسنادِ على ما ذَكَره ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ إلَّا أنَّ المعنيَّ بالتحريمِ يظهر فيما إذا كان نفعُ القرضِ مشروطًا ابتداءً أو متعارَفًا عليه كسَبْقِ اتِّفاقٍ بين المُقرِضِ والمُقترِضِ؛ جمعًا وتوفيقًا بين الأدلَّة. 
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

(١) أخرجه مسلمٌ في «المساقاة» (١٦٠٠) مِنْ حديثِ أبي رافعٍ رضي الله عنه. وأخرج نحوَه البخاريُّ في «الاستقراض وأداء الديون» باب: هل يُعطى أكبرَ مِنْ سنِّه؟ (٢٣٩٢)، ومسلمٌ في «المساقاة» (١٦٠١) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاريُّ في «الصّلاة» باب الصلاة إذا قَدِم مِنْ سفرٍ (٤٤٣)، ومسلمٌ في «صلاة المسافرين» (٧١٥)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه أبو داود في «الزكاة» بابُ عطيَّةِ مَنْ سأل بالله (١٦٧٢)، والنسائيُّ في «الزكاة» بابُ مَنْ سأل بالله عزَّ وجلَّ (٢٥٦٧)، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (١/ ٣٠٠)، وأحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (٨/ ٦٣)، والألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢٥٤) وفي «صحيح الجامع» (٦٠٢١).
(٤) أخرجه البغويُّ في «حديث العلاء بنِ مسلم» (ق١٠/ ٢)، عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه. وضعَّفه الشيخ الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٥/ ٢٣٥) رقم: (١٣٩٨) و«ضعيف الجامع» (٤٢٤٤).

درر الشيخ العلاّمة محمد علي فركوس حفظه الله

21 Jan, 00:10


الفتوى رقم: ١٠٤
الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف
في طريق التخلُّص مِنَ الفوائد البنكية
السؤال:
ماذا يفعل الإنسانُ بالفوائد البنكية؟ وهل يجوز إنفاقُها على الفقراء والمساكين؟ وهـل يأخذ أجرًا عن هذه الصدقة؟ وما هي الطُّرُق الأخرى لإنفاقِ هذه الفوائد الربوية؟ وجزاكم الله خيرًا. 
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالفوائد الربوية محرَّمةٌ، سواءٌ صدرَتْ مِنَ البنوك أو مِنْ غيره، والواجبُ على المتعامل التوبةُ لتَعاوُنِه معها ـ ظلمًا ـ في العمليات الربوية، وما دام أنَّ هذه الفوائد الربوية ليسَتْ مِلْكًا للبنك ولا للمُودِع فيه، ولا يُعْرَف صاحبُ المال المظلوم؛ فإنه يجوز التصدُّقُ بها نيابةً عنه على مصالح المسلمين عامَّةً، أي: على كُلِّ ما يرجع إليهم بالنفع العامِّ، أو على الفقراء والمساكين وَفْقَ ما يراهُ مُلائِمًا ومُناسِبًا، ويُقدِّر الأنسبَ بما يتيسَّر له، إمَّا بتحقيقِ مصلحةٍ عامَّةٍ، وإمَّا بسَدِّ حاجات الفُقَراء والمساكين؛ لأنَّ حكم المال المحرَّم ـ إذا لم يُعْلَمْ صاحبُه ولا ورثتُه ـ أَنْ يتحوَّل إلى مالٍ عامٍّ يَشترِكُ فيه عمومُ الناس، ويرجع إلى منافعهم ومَرافِقِهم العامَّة، أو على الفقراء والمساكين بحسَبِ ما تيسَّر، ويُؤجَرُ ـ إِنْ شاء الله ـ على توبته ونيَّته الحسنة وعملِه الصالح.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٢ ربيع الأوَّل ١٤٢٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٦ جوان ١٩٩٩م
 

5,178

subscribers

1,528

photos

123

videos