هكذا هي كل نعمة يشعر بها من فقدها، ومن ذلك الصوم، فهو بالأساس حرمان مقصود؛ ليقوم المسلم بشكر نعمة الطعام والشراب والنكاح بصورة حقيقية غير مفتعلة، شكر يخرج صدقًا من القلب.
ولنا إخوة من حولنا، وفي بلاد عديدة يفتقدون النعم التي لا نكاد نراها رغم كثرتها، ولا نحمد الله عليها، فسبحان الله كم من نعمة عشنا بها حيناً من الدهر ولم نشكرها، بل لم نفكر بكونها نعمة أصلاً!!
ورد أن أيوب -عليه السلام- حين حدثته زوجته عن الدعاء لرب العالمين أن يرفع عنه الابتلاء، فقال لها كم لبثنا في النعيم؟ قالت كذا وكذا سنة، قال فلا أدعو الله حتى ألبث في الابتلاء كمثلها!!
وليست هذه دعوة إلى التراخي أو ترك طلب العافية، بل دعوة إلى تثبيت النعم بالشكر، ودوام الاستغفار عن الذنوب؛ فإنها أصل البلاء وسبب محق البركة، فنزول الشدائد مربوط بالمعاصي ونسيان التوبة؛ كما قال علي بن أبي طالب "ما نزل بلاء إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة".
ولنا في القرآن أبلغ الدرس وأعظمه حين علمنا أن دوام النعم مربوط بدوام الشكر، وأن زوالها جزاء مناسب لكفران صاحبها ونسيان شكرها، قال تعالى "وإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ"
وصدق رسولنا الهادي الأمين الذي حدثنا مرشدًا لعظيم النعم التي نحيا في ظلالها دون فهم أو شكر، قال صلوات ربي وسلامه عليه: "من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا".
اللهم لك الحمد على كل نعمة غفلنا عن شكرها، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك لشر ما عندنا، اللهم احفظ لنا أسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبدًا ما أبقيتنا، واغفر لنا تقصيرنا، وأدخل عظيم غفلتنا في عظيم عفوك يا رب العالمين، اللهم آمين يا رب العالمين.
#حمزة_صالح