الأثر الطيب

"كثيرًا ما كانت تمر بنا مواقف نظن أنها صعبة، وأن الخروج منها أشبه بالمعجزة فإذا باللطيف يلطف فيخرجنا منها بأبسط مما نتصوّر! أنت إذا دعوت وسألت فأنت تسأل الله الذي لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، تسأل الرب الذي قال:"هو عليّ هيّنٌ وقد خلقتك من قبل ولم تَكُ شيئًا."

‏"يارب ساعدنا أن نساعد أنفسنا ونأخذ بأيدينا وقلوبنا نحو المساحات الآمنة، المسالمة، المطمئنّة، والوجهات التي تعيد ترتيبنا إلى الأفضل والأقوى."

"ستصلك رحمة الله من حيث لا تدركها، في الوقت الّذي تحسبُ فيه أنَّ النجاة مُستحيلة."

‏"فيك الرّجاء سُبحانك وإنّ ضلَّ السعي وانسدت الطرق وانقطعت حبال الأسباب."

‏"إياك أن تيأس في أمرٍ عزّت عليك أسبابه، وربك الله."

‏"أتحرى عوضك يارب ، عوضٌ لا أعلم مداه ولا أتقن حجم تدبيره لكني أؤمن به كيفما جاء."

‏"منك السّعي.. ومن الله السِّعة"

لقد انفض الناس عن غزة ونسوا أهلها، لكنك يارب حي قيوم لا تضل ولا تنسى !!

اللهم إنا نُقسم بك عليك، ونتوسل بك إليك، أن تلطف بأهل شمال غزة وتفرج كربهم !!
‏عيونكم على شمال غزة، فالناس في كرب عظيم، وبلاء شديد، وليس لها من دون الله كاشفة !!

اللهم بقدر الوجع الذي ذقناه، والقهر الذي تجرعناه خلال عام من الحرب مضى وكأنه ألف عام، اجعل عام غزة هذا، عام الفرج والفرح، والسعادة والجبر، واليسر بعد العسر، وعوضنا اللهم فيه عن كل ما مر بنا من ضيق وأهوال، اللهم عوضاً يتعجب منه أهل الأرض والسماوات، اللهم إنا ننتظر منك بُشرى تُبهج القلب، وسعادة تقر بها العين، وفرحة تمحو كل حزن، وأقداراً جميلة تغير مجرى حياتنا، فعجل بها يا كريم !!

في سورة الأنبياء؛ جاءت نجاة سيدنا يونس ﷺ ﴿وذا النون﴾ قبل قصة زكريا ﷺ ﴿لا تذرني فردا﴾؛ للتشابه—فيونس كان وحيدا في بطن الحوت، وزكريا كان وحيدا وحدة شعورية.. يونس خرج من بطن يصعب الخروج منه، وزكريا رُزق الولد رغم اليأس والعقم.. الذي أخرجهم من كل ذلك قادر على أن ينجيك من الغم..

والله لولا عناية الله بنا، وتثبيته لنا، لطاشت عقولنا، وتفطرت قلوبنا من هول ما نرى ونشاهد، فما نتعرض له في غزة فوق احتمال طاقة البشر !!
‏فاللهم أفرغ على قلوبنا صبراً كصبر أولي العزم من الرسل، اللهم لطفك بقلوبنا المكلومة، وأحوالنا البائسة، وأيامنا المثقلة، اللهم تولنا بسعة رحمتك، وعظيم لطفك، وواسع فضلك، اللهم إنا نسألك أمانًا ينسينا مواجعنا، وبشرى تطرق مسامعنا، وفرحة تمحو مدامعنا !!

اعتاد الناس على الاستعداد لاحياء مناسباتهم السنوية بمزيد من التحضير والاستعداد والبهجة.. لكنَّ الناس هُنا في غزة تُفرض عليهم سَنةً جديدة من القتل والتدمير والتشريد، مُجبرين على موسمِ ماطرِ يقضونه تحت الخيام البالية، وشُحِ من المالِ والزاد والنَّصير، لا حول لهم ولا قُوة إلا بالجبار ذيِ القُوةِ المتين.

قبل الحرب؛ كانت كل أحلامنا وأمنياتنا على قائمة الانتظار، نحاول ونحاول عساها ان تكون قريبة.. نكتب لها تواريخا عساها أن تكون قريبة..
اليوم نحن نضعها على قوائم الإلغاء.. تدريجيا، مع طول أمد الحرب، نفقدها شيئا فشيئا.. نحن لا نحاول.. لا نستطيع أن نحاول.. لا خيارات للمحاولة.. لا خيارات سوى الصبر والتسليم، لا محاولات سوى للنجاة بالجسد ..!
نحن لا نودع أحبابنا فقط، لا نودع بيوتنا وأشياءنا العزيزة فقط.. نحن نودع أشياء سكنت خفايا أنفسنا.. رجوناها من الله وحده.. وحده فقط.. وحده سمع نحيب قلوبنا رغبة بها.. نحن نودعها على أمل الحصول عليها في الجنة.. هل جربت أن تكتب قائمة أمنياتك على ورقة وبدلا من أن تضع لها تاريخا، أن تكتب بقربها "في الجنة" !

كتاب وعد الآخرة بقلم والدي الدكتور نصر فحجان، بين ايدي أطهر الرجال

اسأل الله ان يحفظ مقاومتنا وان يسدد رميهم ورأيهم وان يكون زوال إسرائيل قريب بإذن الله ..

عندما ينظر الإنسان إلى الحياة من منظور الوداع، ويُجَرِّدها من فكرة الديمومة، ومن الألوان الساطعة، والتفاصيل اللامعة، والقشور الشكليّة؛ سيراها بحقيقتها كما هي، سيُدرِك أنّ هناك أشياء تستحقّ فِعلاً اهتمامه، وهناك ما لا يستحقّ لحظة من وقته الثمين.

كلُّ شيءٍ يُجْبَر بالصبر، فَهُناك مَن تهشَّم صدره مِن الأثقال والعذابات المستورة، ومع ذلك تراه لا يلبس من اللباس إلّا أحسنه، ولا يتكلم من الكلام إلّا أطيَبَه، ولا يمتنع عن لحظات السرور، ولا يكلّ من التبسُّم، ولكن كيف! كيف عاش! عاشَ بأعظم صفة يُستدَلّ بها على قوّة الإنسان.

اللهم العوض الجميل لأهل غزة، اللهم أبدل بيوتهم قصورًا في الجنة، وحزنهم أفراحاً عارمة، وخوفهم أمنًا وسكينةً، وكآبتهم ضحكات وسعادة لا تتوقف !!

هل تعرفون برودة الثلاجة، خيام النازحين أشد برودة منها !!
‏اللهم أنزل دفء رحمتك على أهل غزة وهون عليهم برد هذا الشتاء، وكل من لا مأوى له يا أرحم الراحمين !!

عندما تجتاح الدموع مقلتيك مع كل دقيقة تمر ، وتحتل وجدانك غصة حارقة وأنت تستعرض تفاصيل أوضاعنا الكارثية ومآسي الناس وأوجاعك .. فاعلم أن جرحاً عميقاً قد استوطنك لن يسهل شفاؤك منه..