السوشل ميديا صنعت حالة من سيولة المشاعر، كل لحظةٍ وكل دقيقةٍ يمر على عينك خبرٌ مختلفٌ بشعورٍ مختلفٍ: خيمة تحترق بنازحيها، وطلبة في مثل عمرك تختلط دماؤهم بأحلامهم في طريقهم لطلب علم شريف، ثم خطوبة فلان وفستان فلانة وحفلات وخروجات وتصوير، ألف شعور مُطالب أن تتفاعل معهم، ثم تتساءل آخر اليوم متعجبًا: لماذا تبعثر قلبي؟!
هذه الأخبار والمشاعر كلها لم تأخذ حقها المطلوب في المعايشة، لأن عينك تتنقل بين خبرٍ وآخر بضغطة زرٍ لعينةٍ في فضاءٍ شاسعٍ يحوي ملايين القصص والأخبار، وعقلك البشري المحدود لا يستطيع ببساطة أن يحلل كل هذه المدخلات، فما بال قلبك المسكين الذي يُجبر أن يتألم ويفرح ويبكي ويغضب في آنٍ واحدٍ.
هذه التكنولوجيا الخبيثة صُنعت لتأسرك داخلها وتصنع منك دُميةً تحركها كيفما تشاء، تبعثر إنسانيتك رويدًا مع كل خبرٍ وحادثةٍ و"تريند" يُفرض عليك، ناهيك عن تتبع حيوات الناس وتجاربهم والنعم التي رزقهم الله وربما حرمت أنت منها، وتغفل أن هذه هي الصورة المثالية الكاذبة التي يصدرونها عن أنفسهم وتستقبلها أنت بكل رضا.