جاء في السيّر أن يحيى البرمكي أراد أن يحطّ من عبد الملك بن صالح وهو مقيّدٌ أمام الرشيد، فقال: يا عبد الملك بلغني أنك رجُلٌ حقود، فقال عبد الملك: أيها الوزير، إن كان الحقد هو بقاء الخير والشرّ، فإنهما لباقيان في قلبي؛ فقال الرشيد: تالله ما رأيتُ أحدًا احتجّ للحقد بأحسنِ ممّا احتجّ به عبد الملك.
ويشرحُ مُرادَ عبد الملك أبياتُ ابن الرومي التي يقول فيها - بتصرُّف -:
لئنْ كنتُ في حفظي لِمَا أنا مُودَعٌ
من الخيرِ والشرِّ انتحيتُ على عِرْضِي
وما الحقدُ إلا توأمُ الشُّكرِ في الفتى
وبعضُ السجايا يُنسَبْنَ إلى بعْضِ
فحيثُ ترا حِقدًا على ذي إساءةٍ
فثمَّ ترى شُكرًا على حُسْنِ القرْضِ
إذا الأرضُ أدّتْ رِيعَ ما أنتَ زارِعٌ
منَ البِذْرِ فيها فَهِيَ ناهيكَ مِنْ أرضِ
وإني لصرتُ أحْسَبُ حُسبانَ جازمٍ أن في عالمٍ كهذا لا تعلو بمن لا يحقِدُ الرُّتَبُ.