📖بشرح الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله تعالى
📃#الدرس_السادس
قال رحمه الله تعالى : وَلكِنِْ هاَهنا أمر يَنْبغي التفطن لَه، وَهو أنَ الأذكَار وَالآياتِ والأدعية التي يسَتَشفی بها وَيرقى بها، هِي في نفسها نَافِعة شافية، وَلكن تستدعِي قبول المحل، وقوة همة الفاعل وتأثيره، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المحل المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء.
كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء، وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره ، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، فكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام، وكان للراقي نفس فعالة وهمة مؤثرة أثر في إزالة الداء ...
الدعاء يدفع المكروه
وكذلك الدعاء، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه، إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله، لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا،
فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا، وإما لحصول المانع من الإجابة : من أكل الحرام، والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو، وغلبتها عليها.
كما في مستدرك الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه "
فهذا دواء نافع مزيل للداء، ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوته، وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها.
كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا أيها الناس، إن الله طيب، لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم } المؤمنون (٥١) وقال : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } البقرة (١٧٢)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك ؟ "
وذكر عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه قال : " أصاب بني إسرائيل بلاء، فخرجوا مخرجا، فأوى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم : إنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إلي أكفا قد سفكتم بها الدماء، وملائتم بها بيوتكم من الحرام، الآن حين اشتد غضبي عليكم؟ ولن تزدادوا مني إلا بعدا "
وقال أبو ذر : يكفي من الدعاء مع البر، ما يكفي الطعام من الملح.
هذا كلام للإمام ابن القيم وتقرير نافع جدا في هذا الباب لما ذكر الاستشفاء بالفاتحة وعظم نفعه.
قد يقول بعض الناس : أنه قد رقى نفسه بالفاتحة أو رقي بها وأيضا بغيرها فلم يحصل شفاءا وبعض الناس وللأسف عندما يعرض عليه الرقية بالفاتحة يقول نجرب، الذي يقول نجرب هذا ما عنده يقين.
الشفاء مع اليقين مع الثقة بالله سبحانه وتعالى " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة "
ولهذا نبه ابن القيم رحمه الله : " أن الانتفاع بهذه الأدوية النافعة التي هي الآيات والأذكار المأثورة والأدعية النافعة أن ذلك يستدعي قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره.
أما هي في نفسها هي الشفاء قطعا ويقينا لكن إن تخلف الشفاء فهذا يرجع إلى هذا المعنى الذي ذكره رحمه الله تعالى والدواء في نفسه نافع والشفاء قطعا كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام
الفاتحة.. قال وما أدراك أنها رقية .. "
والقرآن وصفه الله كله شفاء فإذا تخلف الأثرتخلفت العافية تخلف حصول الانتفاع فهذا ليس عائدا للآيات والأذكار والأدعية فهي نافعة قطعا لكن إما في المحل غير قابل أو من رقى نفس الراقي فيه ضعف بمنزلة الذي يرمي السهم بيد رخوة فيكون ضعيفا، فيحتاج لقوة اليقين وقوة الثقة بالله سبحانه وتعالى والمريض نفسه يكون عنده قوة اليقين وقوة الرجاء وقوة الثقة بالله سبحانه وتعالى.
ويشترط أيضا انتفاء المانع وهذا باب بينه العلماء وسيأتي له بعض التفاصيل عند ابن القيم وهو مراعاة شروط الدعاء وآداب الأذكار حتى تحقق النفع المرجو والفائدة المؤملة.
ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله هنا حديث النبي صلى الله عليه و سلم " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه " فهذا دواء نافع مزيل للداء، ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوته.
مثل ذلك أكل الحرام ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم : " فأنى يستجاب لذلك " فالحاصل أن الدعاء يحتاج كما في أثر أبي ذر إلى البر يحتاج إلى البر فإذا وجد الدعاء مع البر نفع النفع العظيم و الفائدة الكبيرة.